شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الحمى من فيح جهنم

          ░28▒ بابُ الحمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّم.
          فيه: ابنُ عُمَر قالَ(1): قَالَ النَّبيُّ صلعم: (الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ) وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَقُولُ: اكْشِفْ عَنَّا الرِّجْزَ. [خ¦5723]
          وفيه: أَسْمَاءُ: (كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِالْمَرْأَةِ قَدْ حُمَّتْ تَدْعُو لَهَا، أَخَذَتِ الْمَاءَ فَصَبَّتْهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا، وقَالَتْ: كَانَ النَّبيُّ صلعم يَأْمُرُنَا أَنْ نَبْرُدَهَا بِالْمَاءِ). [خ¦5724]
          وفيه: عَائِشَةُ قَالَ النَّبيُّ صلعم: (الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأبْرُدُوهَا بِالْمَاءِ)(2). [خ¦5725]
          وَرَوَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عن النَّبيِّ صلعم مِثْلَهُ وَقَالَ: (مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ).
          وقد فسَّرت أسماء أنَّ إبراد الحمَّى صبُّ الماء على جسد المحموم، وقد تختلف أحوال المحمومين، فمِنهم مَن يصلح أن يبرد بصبِّ الماء عليه، وآخر يصلح أن يبرُد بشرب(3) الماء، وزعم بعض العلماء أنَّ بعض الحميات هي الَّتي يجب إبرادها بالماء قال: وهي الَّتي عنى النَّبيُّ صلعم وهي الحُمَّيات الحادَّة الَّتي يكون أصلُها مِن الحرِّ، والحديث يراد به الخصوص، واستدلَّ على ذلك بقولِه صلعم: (الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) والفيح عند العرب سطوع الحرِّ، عن صاحب «العين».
          وفي كتاب «الأفعال»: فاحت النار والحرُّ فيحًا انتشرا(4)، واستدلَّ بقوله ◙: (فَأَطْفِئُوهَا بِالمَاءِ) و (أَبْرِدُوهَا بِالمَاءِ) قال: ودلَّ ذلك(5) أنَّه صلعم لم يأمر بإبراد الحُمَّيات الباردة الَّتي يكون أصلُها البرد وإنَّما أمر بإبراد الحُمَّيات الحارَّة الَّتي يكون أصلُها الحرُّ والله أعلم، والفوح والفيح لغتان.


[1] قوله: ((قال)) ليس في المطبوع.
[2] قوله: ((وفيه عائشة قال النَّبيُّ...فأبردوها بالماء)) ليس في (ص).
[3] في (ص): ((يصلح بأن يشرب)).
[4] زاد في (ص): ((واشتد)) وقوله بعدها: ((واستدل)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((ودل قوله)).