شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الرقى بالقرآن والمعوذات

          ░32▒ بابُ الرُّقَى بِالقُرْآنِ والمُعَوِّذَاتِ.
          فيه: عَائِشَةُ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ في الْمَرَضِ الَّذي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا) فَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ: كَيْفَ كان يَنْفِثُ؟ فقَالَ: (كَانَ يَنْفِثُ على يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ). [خ¦5735]
          في الاسترقاء بالمعوذات استعاذة بالله ╡ مِن شرِّ / كلِّ ما خلق ومِن شرِّ النفَّاثات في السِّحرومِن شرِّ الحاسد ومِن شرِّ الشَيطان ووسوستِه، وهذه جوامع مِن الدُّعاء تعمُّ أكثر المكروهات ولذلك كان صلعم يسترقي بهما، وهذا الحديث أصل أن لا يُستَرقى(1) إلَّا بكتاب الله تعالى وأسمائِه وصفاتِه.
          وقد روى مالك في «الموطأ» أنَ أبا بكر الصِّدِّيق ☺ دخل على عائشة وهي تشتكي ويهوديَّة ترقيها، فقال أبو بكر: ارقيها بكتاب الله، يعني بالتَّوراة والإنجيل لأنَّ ذلك كلام الله الَّذي فيه الشِّفاء، وقد روي عن مالك جواز رقية اليهوديِّ والنَّصرانيِّ للمسلم إذا رقى بكتاب الله، وهو قول الشَّافعي، وفي «المستخرجة» أنَّ مالكًا كرِه رُقى أهل الكتاب وقال: لا أحبُّه، وذلك والله أعلم لأنَّه(2) لا يُدرى هل يرقون بكتاب الله أو الرُّقى المكروهة(3) الَّتي تضاهي السِّحر.
          وروى ابن وهب عن مالك أنَّه سُئل عن المرأة الَّتي ترقي بالحديدة والملح، وعن الَّتي تكتب الكتاب للإنسان ليعلِّقه عليه مِن الوجع وتعقد في الخيط الَّذي يربط به الكتاب سبع عقد، والَّذي يكتب خاتم سليمان في الكتاب فكرِهه كلَّه وقال: لم يكن ذلك مِن أمر النَّاس القديم.


[1] في (ص): ((أصل الاسترقاء)).
[2] قوله: ((لأنه)) ليس في (ص).
[3] في (ص): ((المكروهات)).