شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب كسر الصليب وقتل الخنزير

          ░31▒ بَابُ كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الخِنْزِيرِ
          فيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ)؟ [خ¦2476]
          قال المُهَلَّبُ: هذا وعدٌ مِنَ النَّبِيِّ صلعم بنزول عِيسَى ابنِ مريمَ صلعم إلى الأرضِ.
          وفيه مِنَ الفقهِ كسرُ نصبِ المشركينَ وجميعِ الأوثانِ، وإنَّما قصدَ إلى كسرِ الصَّليبِ وقتلِ الخنزيرِ مِنْ أجلِ أنَّهما(1) دينُ النَّصارى المغترِّينَ المعتدِّينَ في شريعتهم إليه، فأخبرَ النَّبيُّ صلعم أنَّ عِيسَى ◙ سيغيِّرُ ما نسبوه إليه كما غيَّرَه مُحَمَّدٌ صلعم وأعلمهم أنَّهم على الباطل في ذلك، فدلَّ(2) أنَّ عِيسَى ◙ يأتي بتصحيحِ شريعةِ مُحَمَّدٍ ◙ حاكمًا بالعدلِ بين أهلِها.
          وأمَّا قوله: (وَيَضَعُ الجِزْيَةَ) فمعناه يتركُها فلا يقبلْها، لأنَّه إنَّما قبلناها نحن لحاجتنا إلى المالِ، وليس يحتاجُ عِيسَى عند خروجِه إلى مالٍ، لأنَّه يفيضُ في أيَّامِه حتَّى لا يقبلَه أحدٌ، ولا يقبلَ إلَّا الإيمانَ بالله وحده، وأمَّا السَّاعةُ فلو كُسِرَ صليبٌ لأهل الكتاب المعاهدين بين أظهرنا لكان ذلك تَعَدِّيًا، لأنَّ على ذلك يؤدُّون الجزيةَ، وإن كسره لأهلِ الحربِ كان مشكورًا، وكذلك قتل الخنزير.


[1] زاد في (ز): ((في)).
[2] زاد في (ز): ((هذا)).