شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه

          ░3▒ بَاب لاَ يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ وَلاَ يُسْلِمُهُ.
          فيهِ ابنُ عُمَرَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، / وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ). [خ¦2442]
          قوله ◙: (المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ) مِنْ قوله تعالى(1): {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات:10]وقوله: (لَا يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ(2)) فإنَّ الله حَرَّمَ قليلَ الظُّلمِ وكثيرَه.
          وقوله: (لَا يُسْلِمُهُ) مثل قوله ◙: ((انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا)) وباقي الحديثِ حضٌّ على التَّعاونِ، وحسنِ التَّعاشرِ، والأُلفَةِ، والسَّترِ على المؤمنِ، وتركِ التَّسَمُّعِ(3) به، والإشهارِ لذنوبه، وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة:2]، وهذا حديثٌ شريفٌ يحتوي على كثيرٍ مِنْ(4) آدابِ الإسلامِ، وفيه أنَّ المجازاةَ قد تكون في الآخرةِ مِنْ جنسِ الطَّاعةِ في الدُّنيا.
          وقالَ ابنُ المُنْذِرِ: ويُسْتَحَبُ لِمَنِ اطَّلَعَ مِنْ أخيه المسلمِ على عورةٍ أو زلَّةٍ توجبُ حدًّا أو تعزيرًا، أو يلحقه في ذلك عيبٌ أو عارٌ أن يسترَه عليه رجاءَ ثوابِ اللهِ ╡، ويجبُ لمَنْ بُلِيَ بذلك أن يستترَ بسترِ الله، فإن لم يفعلْ ذلك الَّذي أصابَ الحدَّ، وأبدى ذلك للإمامِ وأقرَّ بالحدِّ لم يكن آثمًا لأنَّا لم نجد في شيءٍ مِنَ الأخبارِ الثَّابتةِ عَنِ النَّبِيِّ ◙ أنَّه نهى عن ذلك، بلِ الأخبارُ الثَّابتةُ(5) دالَّةٌ(6) على أنَّ مَنْ أصابَ حدًّا وأُقيم عليه فهو كفَّارتُه.


[1] في (ز): ((قول الله ╡)).
[2] في (ص): ((لا يُسلمه ولا يظلمه)).
[3] في (ز): ((التَّسميع)).
[4] قوله: ((من)) ليس في (ز).
[5] قوله: ((الثَّابتة)) ليس في (ز).
[6] قوله: ((دالَّة)) ليس في (ص).