شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إماطة الأذى

          ░24▒ بَابُ إِمَاطَةِ الأَذَى
          وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ: (تُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).
          قال المؤلِّفُ: قولُ أبي هريرةَ: (تُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ) ليس هو مِنْ رأيُه لأنَّ الفضائلَ لا تُدْرَكُ بقياسٍ، [وإنَّما(1) تُؤْخَذُ توقيفًا عَنِ النَّبِيِّ صلعم وقد أسندَ مالكٌ معناه مِنْ حديثِ أبي هريرةَ عَنِ النَّبِيِّ صلعم أنَّه قال: ((بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ إِذْ(2) وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللهَ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ))، فإن قيل: كيف تكونُ إماطةُ الأذى عن الطَّريقِ صدقةً؟ قيل: معنى الصَّدقةِ إيصالُ النفعِ إلى المتصدَّقِ عليه.
          فإذا أماطَ الأذى عن الطَّريقِ فهو سببٌ(3) إلى سلامةِ أخيه المسلمِ مِنْ ذلك الأذى، فكأنَّه قد تصدَّقَ عليه بالسَّلامةِ منه، فكان له على ذلك أجرُ الصَّدقةِ، وهذا كما جعل ◙ الإمساكَ عن الشَّرِّ صدقةً على نفسِه.
          وإماطةُ الأذى وكلُّ ما أشبَهَه حضٌّ على الاستكثارِ مِنَ الخير وأن لا يستقلَّ منه شيءٌ، وقد قال ◙ لأبي تَمِيمَةَ الهُجَيْمِيِّ(4): ((لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَو أَنْ تَضَعَ مِنْ دَلوِكَ فِي إِنَاءِ المُسْتَقِي)).]
(5).


[1] في (ز): ((إنَّما)).
[2] في المطبوع: ((إذا)).
[3] في المطبوع: ((فأمَّا إماطة الأذى عن الطَّريق فقد تسبِّب)).
[4] في (ز): ((الهجميِّ))، والصَّواب المثبت بصيغة التَّصغير.
[5] ما بين معقوفتين مطموس في (ص).