شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له هل يبين مظلمته؟

          ░10▒ بَابُ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ أَحَدٍ فَحَلَّلَهُ(1) هَلْ يُبَيِّنُ مَظْلَمَتَهُ؟
          فيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبيُّ صلعم: (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ / لأَخِيهِ مِنْ عِرْضٍ(2)، أَوْ شَيْءٍ، فَلْيُحَلَّلْهُ(3) مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ). [خ¦2449]
          قال المُهَلَّبُ: إن بيَّن فهو أطيبُ وأصحُ في التَّحَلُّلِ لأنَّه يعرفُ مقدارَ ما يُحَلِّلُهُ منه معرفةً صحيحةً، وقد اختلفَ العلماءُ فيمَنْ كانت بينه وبين أحدٍ(4) معاملةٌ وملابسةٌ ثمَّ حَلَّلَ بعضَهم بعضًا مِنْ كلِّ ما جرى بينهما مِنْ ذلك، فقال قومٌ: إنَّ ذلك براءةً له في الدَّنيا والآخرة وإن لم يُبَيِّن مقدارَه، وقال آخرون: إنِّما تَصِحُ البراءةُ إذا بيَّن له وعرف ماله(5) عنده أو قاربَ ذلك بما لا مشاحَّة في مثلِه.
          قال المُهَلَّبُ: وهذا الحديثُ حُجَّةٌ لهذا القولِ لأنَّ قولَه ◙: (أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ) يدلُّ أنَّه يجبُ أن يكونَ معلومَ القدرِ مشارًا إليه.


[1] في (ز): ((مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ رجل فَحَلَّلَه)).
[2] في المطبوع: ((عرضه))، وغير واضحة في (ص).
[3] في المطبوع: ((فليتحلَّله))، وغير واضحة في (ص).
[4] في (ز): ((آخر)).
[5] في المطبوع: ((مال)).