شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة في السطوح وغيرها

          ░25▒ بَابُ الغُرْفَةِ والعُلِّيَّةِ(1) المُشْرِفَةِ(2) فِي السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا
          فيهِ أُسَامَةُ: (أَشْرَفَ النَّبيُّ صلعم على أُطُمٍ مِنْ آطَامِ المَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ القَطْرِ). [خ¦2467]
          وفيهِ ابنُ عَبَّاسٍ: (لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى(3) أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلعم اللَّتَيْنِ(4)، قَالَ اللهُ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التَّحريم:4]فَحَجَجْتُ مَعَه، فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإِدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ ثمَّ جَاءَ، فَسَكَبْتُ على يَدَيْهِ مِنَ الإِدَاوَةِ، فَتَوَضَّأَ، فقُلْتُ(5): يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنْ كَانَ(6) المَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلعم اللَّتَانِ قَالَ اللهُ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التَّحريم:4 /
          قَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابنَ عَبَّاسٍ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ في بَنِي أُمَيَّةَ بنِ زَيْدٍ، وَهِيَ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صلعم، فَيَنْزِلُ يَوْمًا، وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ(7)، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي، فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلعم يُرَاجِعْنَهُ(8)، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ، فَأَفْزَعَنِي، فَقُلْتُ: خَابَتْ مَنْ فَعَلَتْ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ، ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَدَخَلْتُ عَلَى(9) حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: أَيْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ الله صلعم اليَوْمَ(10) حَتَّى اللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: خَابَتْ وَخَسِرَتْ، أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ فَتَهْلِكِنَ، لَا تَسْتَكْثرِي(11) عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم، وَلَا تُرَاجِعِيهِ(12) فِي شَيْءٍ، وَلاَ تَهْجُرِيهِ، وَاسْأَلِينِي مَا بَدَا(13) لَكِ، وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكَ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم _يُرِيْدُ عَائِشَةَ_(14) وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ(15) أَنَّ غَسَّانَ تنَّعل النِّعَالَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ عِشَاءً، فَضَرَبَ بابي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: نَائِمٌ(16) هُوَ؟ فَفَزِعْتُ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فقَالَ(17): حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، فقُلْتُ(18): مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ:(19) بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وأطول(20)، طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ(21) صلعم نِسَاءَهُ، قُلْتُ(22): قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ(23)، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي(24)، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ(25) الفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صلعم، فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ، فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فقُلْتُ(26): مَا يُبْكِيكِ، أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ، أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللهِ(27) صلعم، قَالَتْ: لاَ أَدْرِي هُوَ ذَا في المَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ المِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، فغَلَبَنِي(28) مَا أَجِدُ(29)، فَجِئْتُ المَشْرُبَةَ الَّتِي هُوَ فِيْهِ(30)، فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ فَكَلَّمَ النَّبيَّ صلعم، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ:(31) ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ مَرَّتَيْنِ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الغَلَامَ فَقُلْتُ: استَأْذِنْ لِعُمَرَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، فَإِذَا الغُلاَمُ يَدْعُونِي، قَالَ: أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللهِ(32) صلعم، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ(33) عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ(34)، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: طَلَّقْتَ(35) نِسَاءَكَ؟، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: لَا، ثُمَّ قُلْتُ _وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ_ [(36) لَوْ رَأَيْتَنِي(37) وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا على قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ فَتَبَسَّمَ النَّبيُّ صلعم، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي وقد دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لاَ يَغُرَّنَّكِ القِصَّة(38)، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى(39)، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي في بَيْتِهِ، فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ البَصَرَ غَيْرَ آنِيَةٍ(40) ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يُوَسِّعِ(41) عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللهَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابنَ الخَطَّابِ، أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النَّبيُّ صلعم مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ](42): مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ على عَائِشَةَ، فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ(43): إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَلَّا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا(44)، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ(45)، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَنَزَلَتْ(46) آيَةُ التَّخْيِيرِ، فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امرَأَةٍ(47)، قَالَ(48): إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ، /
          قَالَتْ: قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِكَ، ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللهَ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ}، إلى قَوْلِهِ: {عَظِيمًا}[الأحزاب:28-29]فقُلْتُ(49): أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ: مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ). [خ¦2468]
          الغرفُ والسُّطُوحُ وغيرها مباحةٌ ما لم يطلعْ منها على حرمةِ أحدٍ أو عورةٍ له.
          قال المُهَلَّبُ: وفي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ الحرصُ على العلمِ وخدمةِ الرَّجلِ الشَّريفِ للسُّلطانِ والعالمِ، وأنَّه لا ضِعَةَ عليه في خدمته، وفيه الكلامُ في العلمِ على كلِّ حالٍ، في المشي والطُّرقِ والخلواتِ.
          فأمَّا قوله(50): (وَاعَجَبًا لَكَ) عَجِبَ مِنْ حرصِه على سؤالِه عمَّا لا ينتبه عليه(51) إلَّا الحريصُ على العلمِ مِنْ تفسير ما لا محكم فيه مِنَ القرآن.
          وقوله: (اسْتَقْبَل عُمَرُ الحَدِيثَ) فيه: أنَّ المُحَدِّثَ قد يأتي بالحديثِ على وجهِه ولا يختصرُه لأنَّه قد كان يكتفي حين سأله ابنُ عبَّاسٍ عن المرأتينِ بما أخبره به من قوله: (عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ).
          وقوله: (كُنَّا نَغْلِبُ النِّسَاءَ) يُرِيدُ(52) أنَّ شِدَّةَ الوطأةِ على النِّساءِ مذمومٌ لأَنَّ النَّبِيَّ صلعم سار بسيرةِ الأنصارِ فيهنَّ وترك(53) سيرةَ قومِه قريشٍ، وفيه: موعظةُ الرَّجلِ ابنتَه وإصلاحُ خلقِها لزوجها، وفيه: الحزنُ والبكاءُ لأمورِ رسولِ الله صلعم وما يكرهُه، والاهتمامُ بما يهمُه، وفيه الاستئذانُ والحجابةُ للنَّاسِ كلِّهم كان مع المُسْتَأذَنِ عليه عيالٌ أو لم يكن، وفيه الانصرافُ بغير صرفٍ مِن المُسْتَأذَنِ عليه.
          ومِنْ هذا الحديثِ قال بعضُ العلماء: إنَّ السُّكُوتَ يُحْكَمُ به(54) كما حُكِمَ(55) بسُكُوتِ(56) النَّبِيِّ صلعم عن صرفِه له.
          وفيه: التَّكريرُ بالاستئذانِ، وفيه أنَّ للسُّلطانِ أن يأذنَ أو يسكتَ أو يصرفَ، وفيه: تقلُّل النَّبِيِّ صلعم مِنَ الدُّنيا، وصبرُه على مضضِ ذلك، وكانت له عنه مندوحةٌ.
          وفيه: أنَّه(57) يُسئل السُّلطانُ عن فعلِه إذا كان ذلك ممَّا يهمُّ أهلُ طاعتِه، وفي قولِ النَّبِيِّ صلعم لعُمَرَ: (لَا) ردٌّ لما أخبرَ به الأنصاريُّ مِنْ طلاقِ نسائِه، ولم يخبر عُمَرُ بما(58) أخبر(59) الأنصاريُّ ولا شكاه، لعلمِه أنَّه لم يقصد للإخبار بخلافِ القصَّةِ، وإنَّما هو وهمٌ جرى عليه.
          وفي قوله: (أَسْتَأْنِسُ) استنزالُ السُّلطانِ والاستئناسُ بين يديه بالحديثِ، وأخذُ إذنِه في الكلامِ، وفي تبسُّمِ النَّبِيِّ صلعم لعُمَرَ حين ذكر غلبَة قريشٍ لنسائِها وتحكُّمُ نساءِ الأنصارِ عليهم: دليلٌ أنَّ المعنيين ليسا بمُحَرَّمَيِنِ، وفيه الجلوسُ بين يدي السُّلطانِ وإنْ لم يأمرْ بذلك إذا اسْتؤنِسَ منه إلى انبساطِ خلقٍ.
          وفيه: أنًّه لا يجبُ أن يتسخَّطَ أحدٌ حاله ولا ما قسم اللهُ له، ولا يستحقر نعمة الله عنده، ولا سابق فضله(60) لأنَّه يخاف عليه ضعف يقينه.
          وفيه: أنَّ التَّقَلُّلَّ(61) مِنَ الدُّنيا ليرفع طيِّباته إلى دارِ البقاءِ خير حالٍ(62) مِنْ(63) تعجُّلها في الدُّنيا الفانيةِ، والمتعجِّلُ لها أقربُ إلى السَّفه، وفيه: الاستغفارُ مِنَ السَّخطِ وقلَّةِ الرِّضا، وفيه: سؤالُ النَّبِيِّ صلعم الاستغفارَ، وكذلك يجبُ أن يسألَ أهلَ الفضلِ والخيرِ والدُّعاءِ(64) والاستغفارِ(65).
          وفيه: أنَّ المرأةَ تُعَاقَبُ على إفشاءِ سرِّ زوجِها، وعلى التَّحَيُّلِ عليه بالأذى، والمنعِ مِنْ موافقتِه(66) وشهواتِه بالتَّوبيخِ(67) لها بالقولِ، كما وبَّخ اللهُ تعالى أزواجَ النَّبِيِّ صلعم على تظاهرِهما عليه(68) وإفشاءِ سرِّه، وعاقبهنَّ النَّبيُّ صلعم بالإيلاءِ والاعتزالِ والهجرانِ كما قال تعالى(69): {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ}[النِّساء:34]وفيه: أنَّ الشَّهرَ يكون تسعةً وعشرينَ يومًا، فإنَّما(70) يجري فيه على الأهلَّةِ الَّتي جعلَها الله تعالى مواقيتُ للنَّاسِ في آجالهم.
          وفيه: أنَّ الرَّجلَ(71) إذا قَدِمَ مِنْ سفرٍ أو طرأَ على أزواجِه أن يبدأَ بمَنْ شاءَ منهنَّ، وأنَّه ليس عليه أن يبدأ مِنْ حيث بلغَ قبل الخروجِ.
          وفي نقضِ رتبةِ الدَّورانِ وابتدائِه مِنْ حيث بدأَ دليلٌ أنَّ القسمةَ بين النِّساءِ فيها توسعةٌ، ويدلُّ على ذلك قوله تعالى: {وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ}[النِّساء:129]ومَنْ أُبِيحَ له بعضُ الميلِ فقد رُخِّصَ له في(72) التَّقصيرِ عن العدلِ في القسمةِ.
          وفيه: أنَّ المرأةَ الرَّشيدةَ لا بأسَ أن تشاورَ أبويها وذا الرَّأي مِنْ أهلِها في أمرِ نفسِها ومالِها، لأنَّ أمر نفسِها أخفُّ مِنْ أمر مالها، وإذا كان النَّبيُّ صلعم أمرَ(73) بالمشاورةِ في أمر نفسِها الَّتي هي أحقُّ(74) بها مِنْ وليِّها فهي في المالِ أولى بالمشاورةِ لا على أنَّ المشاورةَ لازمةٌ لها إذا كانت رشيدةً كما كانت عائشةُ، وليس على مَنْ يتبيَّن له رشدُ رأيه أن يستأذنَ(75)، / ويسقط عنه النَّدبُ فيه.
          والمَشْرُبَةِ: الغُرفَةُ، والأُطُمِ: حِصْنٌ مبنيٌ بالحجارةِ، وقالَ أبو عُبَيْدَةَ: رمَلْتُ الحَصِيرَ رَمْلًا وأَرْمَلْتُه إذا نَسَجْتُه.


[1] في (ز): ((والظُّلَّة)).
[2] زاد في (ز): ((وغير المشرفة)).
[3] قوله: ((على)) ليس في (ز).
[4] في (ص): ((الَّتي)).
[5] في (ز): ((ثمَّ قال)).
[6] قوله: ((كان)) ليس في (ز).
[7] زاد في المطبوع: ((مِنَ الأَمْرِ وَغَيْرِهِ)).
[8] في (ز): ((ليراجعنه)).
[9] في (ز): ((فقلت: خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ، فَدَخَلْتُ)).
[10] قوله: ((اليوم)) ليس في (ص).
[11] في (ز): ((تستكبري)).
[12] في (ز): ((ولا تراجعنه)).
[13] في (ز): ((يرى)).
[14] في (ز): ((إلى النَّبيِّ صلعم)).
[15] في (ز): ((تحدَّثنا)).
[16] في (ز): ((أنائم)).
[17] في (ز): ((وقال)).
[18] في المطبوع: ((قلت)).
[19] زاد في (ز): ((لا)).
[20] قوله: ((وأطول)) ليس في (ز).
[21] في (ز): ((النَّبيُّ)).
[22] في (ز): ((قال)).
[23] زاد في (ز): ((قد)).
[24] قوله: ((فجمعت عليَّ ثيابي)) ليس في (ز).
[25] قوله: ((صلاة)) ليس في (ز).
[26] في المطبوع: ((قلت)).
[27] في (ز): ((النَّبيُّ)).
[28] في (ز): ((ثمَّ غلبني)).
[29] في (ز): ((أجده)).
[30] في المطبوع: ((الَّتي هو فيها))، وفي (ز): ((الَّتي فيه)).
[31] زاد في (ز): ((قد)).
[32] في (ز): ((النَّبيُّ)).
[33] في (ز): ((متَّكئًا)).
[34] قوله: ((حشوها ليف)) ليس في (ز).
[35] في (ز): ((أطلَّقت)).
[36] زاد في المطبوع: ((يا رسول الله)).
[37] زاد في الأصل الخطِّيِّ: ((يا رسولَ الله)).
[38] في المطبوع: ((لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبيِّ، يُرِيدُ عَائِشَ)).
[39] زاد في المطبوع: ((فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ)).
[40] في المطبوع: ((أهبة)).
[41] في المطبوع: ((ادع الله فليوسِّع)).
[42] في (ز): ((عائشة فقال))، وما بين معقوفتين مطموس في (ص).
[43] قوله: ((عائشة)) ليس في (ز).
[44] في (ز): ((ليلة بعدها)).
[45] قوله: ((وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ)) ليس في (ز).
[46] في المطبوع: ((فأنزلت)).
[47] قوله: ((أوَّل امرأةٍ)) ليس في (ز).
[48] في (ز): ((فقال)).
[49] في المطبوع: ((قلت))، وغير واضحة في (ص).
[50] في (ز): ((الخلوات, وقوله)).
[51] في (ز): ((إليه)).
[52] في (ز): ((يذكر)).
[53] في (ز): ((فترك)).
[54] في (ز): ((له)).
[55] زاد في (ز): ((عمر)).
[56] في (ز): ((لسكوت)).
[57] في (ز): ((أن)).
[58] في (ز): ((عمر بخلاف ما)).
[59] زاد في (ز): ((به)).
[60] في (ز): ((قضائه))، وغير واضحة في (ص).
[61] في المطبوع: ((المتقلِّل))، وغير واضحة في (ص).
[62] في المطبوع: ((حالًا))، وغير واضحة في (ص).
[63] في المطبوع: ((ممَّن))، وغير واضحة في (ص).
[64] في المطبوع: ((الدُّعاء)).
[65] قوله: ((من السَّخط وقلَّة الرِّضا، وفيه سؤال النَّبيَّ صلعم الاستغفار، وكذلك يجب أن يسأل أهل الفضل والخير والدُّعاء والاستغفار)) ليس في (ص).
[66] صورتها في (ز): ((مرافقه)) بلا نقاط.
[67] في (ز): ((التَّوبيخ)).
[68] في (ز): ((عليهما))، وغير واضح في (ص).
[69] في (ز): ((قال الله تعالى)).
[70] في (ز): ((وإنَّما)).
[71] في المطبوع: ((وفيه الرَّجل)).
[72] في (ز): ((وفي)).
[73] في (ز): ((أمرها)).
[74] في المطبوع: ((الَّتي أحقُّ)).
[75] في (ز): ((يشاور)).