شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا أذن له أو أحله ولم يبين كم هو؟

          ░12▒ بَابُ إِذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ حَلَّلَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ؟
          فيهِ سَهْلٌ: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم أُتِيَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاَءِ؟ فَقَالَ الغَلَامُ(1): لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، قَالَ:(2) فَتَلَّهُ رَسُولُ اللهِ صلعم في يَدِهِ). [خ¦2451]
          قال المُهَلَّبُ: لو حَلَّلَ الغلامُ في(3) نصيبه الأشياخَ وأَذِنَ في إعطائِه لهم، لكان ما حلَّل منه غيرُ معلومٍ لأنَّه لا يُعرف مقدارَ ما كانوا يشربونَ ولا مقدارَ ما كان يشربُ هو.
          وقد تقدَّمَ في كتابِ المياهِ في بابِ مَنْ رأى صدقةَ الماءِ وهبتَه جائزةً مقسومًا كان أو غير مقسومٍ [خ¦2351] أنَّ سبيلَ ما يوضع للنِّاسِ للأكلِ والشِّربِ سبيلُه المكارمةِ وقلَّة التَّشاحِّ، وقد طابتْ نفوسُ أصحابِ النَّبِيِّ صلعم في سِبي هوازنَ جملةً، وقبل النَّبيُّ صلعم ذلك التَّطَيُّبَ، ولم يعرفْ مقدارَ ما كان بيدِ كلِّ واحدٍ منهم. /
          وسيأتي في كتابِ الهباتِ في آخرِ هذا الجزء في بابِ الهبةِ المقسومةِ الخلافُ في هذه المسألةِ إن شاءَ اللهُ [خ¦2602]، والمعروفُ مِنْ مذهبِ مالكٍ أنَّ هبةَ المجهولِ جائزةٌ، مثل أن يهبَ رجلٌ(4) نصيبَه في ميراثِ رجلٍ أو نصيبَه في(5) دارٍ لا يدري مقداره، وكذلك كلُّ ما لا يُؤخَذُ عليه عِوَضٌ فهبتُه عندَه جائزةٌ.


[1] قوله: ((الغلام)) ليس في (ز).
[2] قوله: ((قال)) ليس في (ز).
[3] في (ز): ((من)).
[4] قوله: ((رجل)) ليس في (ز).
[5] في (ز): ((من)).