شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا خاصم فجر

          ░17▒ بَابُ إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ
          فيهِ عَبْدُ اللهِ بن عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ(1): (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، كَانَ مُنَافِقًا، أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ). [خ¦2459]
          الفجورُ: الكذبُ والرِّيبةُ، وذلك حرامٌ، ألا ترى أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قد جعلَ ذلك خصلةً مِنَ النِّفاقِ، وليس هو بنفاقٍ يُخْرِجُ مِنَ الإيمانِ، وإنَّما أرادَ ◙ أنَّ مَنْ(2) كانت فيه هذه الخلالُ أو واحدةٌ منها، فإنَّه منافقٌ فيها خاصَّةً، وليس بمنافقٍ في غيرِها مِنْ دينِه ممَّا صحَّ فيه اعتقادُه ويقينُه.
          وإنَّما أطلق اسم النِّفاق على صاحب هذه الخلال لأنَّها تغلب على أحوال المرء، وتستولي على أكثرِ الأفعالِ، فاستحقَّ هذه التَّسميةَ بما غلبَ عليه مِنْ قبيحِ أفعالِه، ومشابهته فيها المنافقين والكفَّار(3)، فوُصِفَ بصفتهم تقبيحًا لحاله، فلا شيء أقبحُ على المؤمن مِنْ ملازمتِه أفعال الكفَّارِ ومجانبتِه أفعال المؤمنين _أعاذنا اللهُ مِنْ ذلك_ وقد تقدَّم بيانُ هذا المعنى في كتابِ الإيمانِ [خ¦34].


[1] قوله: ((قال)) ليس في (ز).
[2] في (ص): ((وإنَّما أراد من)).
[3] في (ز): ((الكفَّار)).