إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا يدخلن هؤلاء عليكن

          4324- وبه قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) عبدُ الله بنُ الزُّبير، أنَّه (سَمِعَ سُفْيَانَ) بنَ عُيينة يقول: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ) عروةَ بنِ الزُّبير (عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ) ولأبي ذرٍّ ”بنت“ (أَبِي سَلَمَةَ) عبدِ الله بنِ عبدِ الأسدِ المخزوميِّ (عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ) هندِ بنت أميَّة المخزوميَّةَ أمِّ المؤمنين ♦ ، أنَّها قالت: (دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلعم وَعِنْدِي مُخَنَّثٌ) بضم الميم وفتح الخاء المعجمة والنون بعدها مثلثة وبكسر النون أفصح، والفتح أشهر، وهو من فيه انخناثٌ، أي: تكسُّرٌ وتثنٍّ كالنِّساء (فَسَمِعْتُهُ) وللأَصيليِّ ”فسمعهُ(1)“ (يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أُمَيَّةَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”ابنِ أَبِي أُميَّة“: (يَا عَبْدَ اللهِ، أَرَأَيْتَ) أي: أخبرني (إِنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلَانَ) ابنِ سلمةَ(2)، باديَة _بتحتية مفتوحة بعد الدال المهملة_ وقيل: بالنون بدل التحتية، أسلمتْ وسألت رسولَ الله صلعم عن الاستحاضة‼، وتزوَّجها عبدُ الرَّحمن بن عوف، وأسلمَ أبوها أيضًا بعد فتح الطَّائف (فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ) من العُكن (وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ) منها، والعُكنة / _بضم العين_: ما انطوى وتثنَّى من لحم البطنِ سمنًا، والمرادُ: أنَّ أطراف العُكنِ الأربع التي في بطنها تظهرُ ثمانيةٌ في جنبيها.
          قال الزَّركشيُّ وغيرُه: وقال: «بثمانٍ»(3) ولم يقل: بثمانية، والأطرافُ مذكَّرةٌ؛ لأنَّه لم يذكرها، كما يقال: هذا الثَّوبُ سبعٌ في ثمانٍ، أي: سبعةُ أذرعٍ في ثمانيةِ أشبارٍ، فلمَّا لم يذكرِ الأشبارَ أنَّث لتأنيثِ الأذرعِ الَّتي قبلها. انتهى.
          قال في «المصابيح»: أحسنُ من هذا أنَّه جعلَ كلًّا من الأطراف عكنةً، تسميةً للجزءِ باسم الكلِّ، فأنَّث بهذا الاعتبار.
          (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : لَا يَدْخُلَنَّ) بسكون اللام وفتحها(4) (هَؤُلَاءِ) المخنَّثونَ (عَلَيْكُنَّ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”عليكم“ «بالميم» بدل: «النون»، ثمَّ أجلاهُ من المدينةِ إلى الحِمَى(5)، فلمَّا ولي عمرُ بن الخطَّاب الخلافةَ، قيل له: إنَّه قد ضعُفَ وكبُرَ فاحتاجَ، فأذنَ له أن يدخلَ(6) كلَّ جمعةٍ، فيسألُ النَّاس ويردُّ إلى مكانهِ.
          (قَالَ) ولأبي ذرٍّ ”وقال“: (ابْنُ عُيَيْنَةَ) سفيانُ: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ) عبدُ الملكِ بنُ عبد العزيز: (المُخَنَّثُ) اسمه: (هِيْتٌ) بكسر الهاء وسكون التحتية بعدها فوقية، وهذا وصله ابنُ حبَّان في «صحيحه» من حديث عائشة، وضبطهُ ابن دَرَسْتويه: بهاء مكسورة فنون ساكنة فموحدة. وزعم أنَّ ما سواهُ تصحيفٌ، وقيل: هيتٌ لقبٌ له، واسمه: ماتعٌ _بفوقية وعين مهملة_ وهو مولى عبد الله بن أبي أميَّة المذكور.
          وهذا الحديثُ أخرجه في «النِّكاح» أيضًا [خ¦5235] و«اللِّباس» [خ¦5887]، ومسلم في «الاستئذان»، والنَّسائيُّ في «عشرةِ النِّساء»، وابن ماجه في «النِّكاح».
          وبه قال: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ) هو ابنُ غَيلان قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّادُ بنُ أسامة (عَنْ هِشَامٍ) بالسَّند المذكور (بِهَذَا) الحديث السَّابق (وَزَادَ: وَهْوَ مُحَاصِرٌ الطَّائِفَ يَوْمَئِذٍ).


[1] في (م) زيادة: « ╕ ».
[2] في (م): «مسلمة».
[3] في (س) و(ص) هنا والموضع التالي: «ثمان... ثمانية».
[4] «بسكون اللام وفتحها»: ليست في (م) و(ب).
[5] في (د): «الحي».
[6] في (ص) زيادة: «في».