إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث ابن عمر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد

          4116- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ) المروزيُّ المُجَاور بمكَّة قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بنُ المُبَارك قال: (أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ) الإمامُ في «المغازي»(1) (عَنْ سَالِمٍ) هو ابنُ عبدِ الله بن عُمر (وَنَافِعٍ) مولى ابنِ عُمر كلاهُما (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بنِ عُمر بنِ الخطَّاب ( ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ إِذَا قَفَلَ) بفتح القاف والفاء، أي: رجَع (مِنَ الغَزْوِ، أَوِ الحَجِّ، أَوِ العُمْرَةِ) كَلمة: «أو» للتَّنويع لا للشَّكِّ (يَبْدَأُ فَيُكَبِّرُ ثَلَاثَ مِرَارٍ) ولأبي ذرٍّ ”مرَّات“ (ثُمَّ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ) بمدِّ الهمزة، أي: نحنُ راجِعون إلى اللهِ تعالى. نحنُ (تَائِبُونَ) إليه تعالى، قاله ╕ تعليمًا لأمَّته أو تواضُعًا. نحنُ (عَابِدُونُ) نحنُ (سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا) نحنُ‼ (حَامِدُونَ) له تعالى.
          قال في «شرحِ المُشكاة»: «لربِّنا» يجوزُ أن يتعلَّق بقولِه: «عابِدُون» لأنَّ عمل اسم الفاعل ضعيفٌ فيتقوَّى(2) بهِ، أو بـ «حامدُون» ليُفيد التَّخصيص، أي: نحمَدُ ربَّنا لا نحمدُ غيرَه، وهذا أولى؛ لأنَّه كالخَاتمة للدُّعاء، ومثلُه في التَّعليق قوله تعالى: {لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}[البقرة:2] يجوز أن يقف على {لاَ رَيْبَ} فيكُون {فِيهِ هُدًى} مبتدأ وخبر، فيقدَّر خبر: {لاَ رَيْبَ} مثله، ويَجوز أن يتعلَّق بـ {لاَ رَيْبَ} ويقدَّر مبتدأ لـ {هُدًى}. انتهى.
          وفي مَجْموعي في «فنونِ القراءات»(3) مزيدٌ على ما ذُكر في الآية.
          (صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ) فيمَا وعدَ بهِ من إظهارِ دينه (وَنَصَرَ عَبْدَهُ) محمَّدًا القائم بحقوقِ العبوديَّةِ صلعم وشرَّف وكرَّم (وَهَزَمَ الأَحْزَابَ) الذين تجمَّعوا يومَ الخَنْدق (وَحْدَهُ) نفيُ السَّبب فناءً في المسبِّب(4) {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى}[الأنفال:17].


[1] في (م): «إمام المغازي».
[2] في (م): «فيقوى».
[3] في (س): «القرآن».
[4] في النسخ الخطية: «ينافي المسبب»، واستشكلها الشيخ قطة ☼ ، والعبارة في شرح الحديث 6385: «أفنى السبب فناءً في المسبب». وقال الشيخ قطة ☼ هناك: وهو الصواب.