إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث قيس: سمعت أبا ذر يقسم لنزلت هؤلاء الآيات

          3968- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ ”حَدَّثني“ (يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ) البخاريُّ البيكَنديُّ قال: (أَخْبَرَنَا) ولأبي ذرٍّ وابنِ عساكرٍ ”حَدَّثنا“(1) (وَكِيعٌ) بفتح الواو وكسر الكاف، ابنُ الجرَّاح الرُّؤاسي _بضم الراء ثم همزة فمهملة_ الكوفيُّ، الثِّقة الحافظُ العابدُ (عَنْ سُفْيَانَ) الثَّوريِّ ☺ (عَنْ أَبِي هَاشِمٍ) يحيى الرُّمَّاني (عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ) لاحق (عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ) أنَّه (قال: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ) الغفاري ( ☺ ‼ يُقْسِمُ) بضم التحتية، أي: يحلفُ بالله (لَنَزَلَتْ) بلام التأكيد وتاء التأنيث، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابنِ عساكرٍ ”لنزل“ (هَؤُلَاءِ الآيَاتُ): {هَذَانِ خَصْمَانِ} إلى تمام ثلاث آيات (فِي هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ، نَحْوَهُ) أي: نحو سياق حديثِ قَبِيصة عن سفيان السَّابق.
          3969- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ) ثبت «الدَّورقيُّ» لأبي ذرٍّ، قال: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ) بضم الهاء مصغَّرًا، ابن بشير الوَاسطيُّ قال: (أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ) الرُّمَّاني، ولأبي ذرٍّ ”عن أبي هاشم“ (عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ) لاحق (عَنْ قَيْسٍ) وللأَصيليِّ وابنِ عساكرٍ ”عن قيس بن عباد“ أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ) الغِفَاريَّ ☺ (يُقْسِمُ قَسَمًا) بالنَّصب مفعولًا مطلقًا (أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}[الحج:19] نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةَ وَعَلِيٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الحَارِثِ) ♥ (وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ) بن عبد شمس (وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ) وقال سعيدُ بن أبي عَرُوبة(2) عن قتادةَ في قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} قال: اختصمَ المسلمون وأهل الكتاب؛ فقال أهلُ الكتابِ: نبيُّنا قبلَ نبيِّكم، وكتابُنا قبلَ كتابِكم، فنحن أولى بالله تعالى منكم، وقال المسلمون: كتابُنا يقضي على الكتبِ كلِّها، ونبيُّنا خَاتم الأنبياءِ، فنحن أولى بالله تعالى منكم، فأنزل الله ╡ الآية.
          وقال ابنُ أبي نَجيحٍ عن مجاهدٍ في هذه الآية: مثلُ الكافرِ والمؤمنِ اختصما في البعثِ.
          وهذا يشملُ الأقوالَ كلَّها، وينتظم فيه قصَّة بدر وغيرها، فإنَّ المؤمنين يريدون نُصرة دينِ الله، والكافرين يريدون إطفاءَ نورِ الإيمانِ، وخُذْلان الحقِّ، وظهورَ الباطلِ، وهذا اختيارُ ابنِ جريرٍ، وهو حسنٌ، ولذا قال: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ}[الحج:19].


[1] قوله: «ولأبي ذر وابن عساكرٍ: حدثنا»: ليست في (د).
[2] في (ص): «ربيعة»، وهو وهم من الناسخ.