إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من يطع الله إذا عصيت أيأمنني الله على أهل الأرض

          3344- (قَالَ) أي: المؤلِّف، ولغير أبي ذرٍّ: ”وقال“ (وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ) العبديُّ البصريُّ، ووصله المؤلِّف في «تفسير براءة» [خ¦4667] فقال: حدَّثنا محمَّد بن كثيرٍ (عَنْ سُفْيَانَ) الثَّوريِّ (عَنْ أَبِيهِ) سعيد بن مسروقٍ الثَّوريِّ الكوفيِّ (عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ) _بضمِّ النُّون وسكون العين المهملة_ عبد الرَّحمن البجليِّ الكوفيِّ العابد (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) سعد بن مالك بن سنان الخدريِّ الأنصاريِّ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ ☺ ) أي: من اليمن _كما عند النَّسائيِّ_ (إِلَى النَّبِيِّ صلعم بِذُهَيْبَةٍ) بضمِّ الذَّال مُصغَّرًا، وأنَّثها على معنى القطعة من الذَّهب، أو باعتبار الطَّائفة، ورُجِّح لأنَّها كانت تِبْرًا (فَقَسَمَهَا) رسول الله صلعم (بَيْنَ الأَرْبَعَةِ) / ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: ”بين أربعةٍ“ ولـ «مسلمٍ»: «بين أربعة نفرٍ» (الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ) بالحاء المهملة والموحَّدة المكسورة والسِّين المهملة (الحَنْظَلِيِّ) بالحاء المهملة والظَّاء المعجمة المفتوحتين بينهما نونٌ ساكنةٌ، نسبةً إلى حنظلة بن مالك بن زيد(1) مناة (ثُمَّ المُجَاشِعِيِّ) نسبةً إلى مجاشع بن دارم، أحد المؤلَّفة‼ قلوبهم (وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ) بالفاء والزَّاي المخفَّفة وبعد الألف راءٌ، نسبةً إلى فزارة (وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ) وكان في الجاهليَّة يُدعَى بزيد الخيل _باللَّام_ فسمَّاه النَّبيُّ(2) صلعم : زيد الخير _بالرَّاء_ (ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ) بفتح النُّون وسكون الموحَّدة (وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ)(3) _بضمِّ العين المهملة وتخفيف اللَّام وبعد الألف مثلَّثةٌ_ ابن عوفٍ الأحوص بن حفص بن كلاب بن ربيعة (العَامِرِيِّ) نسبةً إلى عامر بن صعصعة بن معاوية (ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ) _بكسر الكاف وتخفيف اللَّام_ ابن ربيعة (فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ) سقط «والأنصار» من رواية مسلمٍ (قَالُوا: يُعْطِي) رسولُ الله(4) ╕ (صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ) أي: رؤساءهم، الواحد: صِنديدٌ _بكسر الصَّاد_ (وَيَدَعُنَا) أي: يتركنا (قَالَ) صلعم : (إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ) بالإعطاء ليثبتوا على الإسلام، رغبةً فيما يصل إليهم من المال (فَأَقْبَلَ رَجُلٌ) من بني تميمٍ يُقال له: ذو الخُويصرة، واسمه حُرْقُوص بن زُهَيرٍ (غَائِرُ العَيْنَيْنِ) أي: داخلهما، يُقال: غارت عيناه إذا دخلتا، وهو ضدُّ: الجاحظ (مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ) بالشِّين المعجمة والفاء، غليظهما (نَاتِئُ الجَبِينِ) بالهمز في رواية أبي ذرٍّ، مرتفعه، قال النَّوويُّ: الجبين جانب الجبهة، ولكلِّ إنسانٍ جبينان يكتنفان الجبهة (كَثُّ اللِّحْيَةِ) بفتح الكاف وبالثَّاء المثلَّثة المشدَّدة، كثيرٌ شعرها (مَحْلُوقٌ) رأسه، مخالفٌ لِمَا كانوا عليه من تربية شعر الرَّأس وفَرْقِه (فَقَالَ(5): اتَّقِ اللهَ يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ) صلعم : (مَنْ يُطِعِ اللهَ) مجزومٌ حُرِّك بالكسر لالتقاء السَّاكنين(6)، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي(7): ”من يطيعُ الله“ بإثبات التَّحتيَّة بعد الطَّاء والرَّفع مصحَّحٌ(8) عليه في الفرع كأصله (إِذَا عَصَيْتُ؟) أي: إذا عصيته، فحذف ضمير النَّصب (أَيَأْمَنُنِي اللهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي؟) ولأبي ذرٍّ: ”ولا“ الواو بدل الفاء: ”تأمنونني“ بنونين (فَسَأَلَهُ) ╕ (رَجُلٌ قَتْلَهُ _أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ_) وجاء: أنَّه عمر بن الخطَّاب، ولا تنافيَ بينهما لاحتمال أن يكونا سألا معًا (فَمَنَعَهُ) صلعم من قتله، تأليفًا لغيره (فَلَمَّا وَلَّى) الرَّجل (قَالَ) النَّبيُّ صلعم : (إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ) بضادين معجمتين مكسورتين، بينهما همزةٌ ساكنةٌ(9) آخره همزةٌ ثانيةٌ، أي: من نسل (هَذَا) وعقبه، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”من صِئْصِئ“ بصادين مهملتين، وهما بمعنًى (_أَو فِي عَقِبِ هَذَا_ قَوْمٌ يَقْرَؤُوْنَ القُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ) جمع حنجرةٍ، وهي رأس الغلصمة، والغلصمة منتهى الحلقوم، والحلقوم مجرى الطَّعام والشَّراب، أي: لا يُرفَع في الأعمال الصَّالحة (يَمْرُقُونَ) يخرجون (مِنَ الدِّينِ) الطَّاعة (مُرُوقَ السَّهْمِ) خروجه إذا نفذ من الجهة الأخرى (مِنَ الرَّمِيَّةِ) بفتح الرَّاء وكسر الميم وتشديد التَّحتيَّة، الصَّيد المرميِّ، وهذا نعت الخوارج الَّذين لا يدينون للأئمَّة‼ ويخرجون عليهم (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ) بفتح الدَّال، يتركون (أَهْلَ الأَوْثَانِ) بالمثلَّثة، جمع وثنٍ: كلُّ ما له جثَّةٌ متَّخذٌ(10) من نحو الحجارة والخشب، كصورة الآدميِّ يُعبَد. والصَّنم: الصُّورة بدون جثَّةٍ، أو لا فرق بينهما (لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ) أي: الموصوفين بما ذُكِر (لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أي: لأستأصلنَّهم بحيث لا أُبقي منهم أحدًا، كاستئصال عادٍ، وليس المراد أنَّه يقتلهم بالآلة الَّتي قُتِلت بها عادٌ بعينها، فالتَّشبيه لا عموم له. وهذا موضع التَّرجمة على ما لا يخفى، وقد أورد صاحب «الكواكب» سؤالًا، وهو: فإن قيل: أليس قال: «لئن أنا أدركتهم لأقتلنَّهم؟» فكيف لم يدعْ خالدًا أن يقتله وقد أدركه؟ وأجاب: بأنَّه إنَّما أراد به إدراك زمان خروجهم إذا كثروا واعترضوا النَّاس بالسَّيف، ولم تكن هذه المعاني مجتمعةً إذ ذاك فيوجد الشَّرط الَّذي علَّق به الحكم، وإنَّما أنذر صلعم أن سيكون ذلك الزَّمان المستقبل، وقد كان كما قال صلعم / ، فأوَّل ما نجم هو في أيَّام عليٍّ ☺ .
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «التَّفسير» [خ¦4667] مختصرًا، وفي «التَّوحيد» [خ¦7432] بتمامه، وفي «المغازي» [خ¦4351]، ومسلمٌ في «الزَّكاة»، وأبو داود في «السُّنَّة»، والنَّسائيُّ في «الزَّكاة» و«التَّفسير» و«المحاربة».


[1] زيد في غير (د) و(س): «بن».
[2] «النَّبيُّ»: ليس في (م).
[3] في (د): «علاقة» وهو تحريفٌ.
[4] «رسول الله»: ليس في (د).
[5] زيد في (د) و(م): «له».
[6] في غير (ب) و(س): «بالكسر للسَّاكنين».
[7] «الحمويي و»: ليس في (م).
[8] في (ب) و(س): «مصحَّحًا».
[9] «ساكنةٌ»: ليس في (د).
[10] في (ص): «يُتَّخَذ»، وفي (م): «تُتَّخذ».