إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا

          7494- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أويسٍ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) هو ابن أنسٍ إمام دار الهجرة الأصبحيُّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الأَغَرِّ) بالغين المعجمة المفتوحة والرَّاء المشدَّدة، واسمه سلمان‼ الجهنيِّ المدنيِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ : (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: يَتَنَزَّلُ) بتحتيَّةٍ ففوقيَّةٍ وتشديد الزَّاي من «باب التَّفعُّل» ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”ينزل“ (رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ) أي: ينزل مَلَكٌ بأمره، وتأوَّله ابن حزمٍ(1): بأنَّه فعلٌ يفعله الله في سماء الدُّنيا كالفتح لقبول الدُّعاء، وأنَّ تلك السَّاعة من مظانِّ الإجابة، وهذا معهودٌ(2) في اللُّغة، يُقال(3): فلانٌ نزل لي عن حقِّه، بمعنى وهبه لي، لكن في حديث أبي هريرة عند النَّسائيِّ وابن خزيمة في «صحيحه» «إذا ذهب ثلث اللَّيل...» فذكر الحديث وزاد فيه: «فلا يزال بها حتَّى يطلع الفجر، فيقول: هل من داعٍ فيستجاب له؟» وهو من رواية محمَّد بن إسحاق واختُلِف فيه، وفي حديث ابن مسعودٍ عند ابن خزيمة: «فإذا طلع الفجر صعد إلى العرش» وهو من رواية إبراهيم الهجريِّ، وفيه مقالٌ، وفي أحاديث أُخر مُحصَّلها ذكر الصُّعود بعد النُّزول، وكما يُؤوَّل النُّزول فلا مانع من تأويل الصُّعود بما يليق _كما مرَّ_ والتَّسليم أسلم، والغرض من الحديث هنا قوله: (فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ) بالنَّصب على جواب الاستفهام، وليست السِّين للطلب بل «أستجيب» بمعنى أجيب (لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ) سؤله؟ (مَنْ) وللأَصيليِّ: ”ومن“ (يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) ذنوبه؟
          وسبق الحديث مع مباحثه بـ «التَّهجد» من أواخر «الصَّلاة» [خ¦1145] وكذا في «الدَّعوات» [خ¦6321].


[1] في (ع): «حازمٍ»، وهو تحريفٌ.
[2] في (د): «مفهومٌ».
[3] في (د): «تقول».