الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله}

          ░41▒ (باب: قول الله ╡: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} إلى آخره [لقمان:12])
          قال الحافظ في مقدِّمة «الفتح»: ذكره بعد سليمان لأنَّه نبيٌّ عنده، أو لأنَّه مِنْ أتباع داود، وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: هو أعجميٌّ مُنع الصَّرفَ للتَّعريف والعجمة، أو عربيٌّ مشتقٌّ مِنَ اللَّقم، وهو حينئذ مرتجل لأنَّه لم يسبق له وضع في النَّكرات ومنعُه حينئذٍ للتَّعريف وزيادة الألف والنُّون، قال ابن إسحاق: لقمان هو ابن باعوراء بن ناحور بن تارخ(1) وهو آزر، واختُلف في نبوَّته، واتُّفق على أنَّه كان حكيمًا.
          وقال الحافظ: اختُلف في لقمان، فقيل: كان حبشيًّا، وقيل: كان نوبيًّا، واختُلف هل كان نبيًّا؟ قال السُّهيليُّ: كان نوبيًّا مِنْ أهل أَيْلة، واسم أبيه عنقا بن شيرون، وقال غيره: هو ابن باعور بن ناحر بن آزر، فهو ابن أخي إبراهيم، وذكر وهب في «المبتدأ» أنَّه كان ابن أخت أيُّوب، وقيل: ابن خالته، وروى الثَّوريُّ في «تفسيره» عن أشعث عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ قال: كان لقمان عبدًا حبشيًّا نجَّارًا.
          وفي «مصنَّف ابن أبي شَيبة» عن خالد بن ثابت الرَّبعيِّ أحد التَّابعين مثلُه، وعن سعيد بن المسيِّب: كان مِنْ سودان مصر، ذو مشافر أعطاه الله الحكمة ومنعه النُّبوَّة.
          وفي «المستدرك» بإسناد صحيح عن أنس قال: كان لقمان عند داود، وهو يسرد الدِّرع، فجعل لقمان يتعجَّب ويريد أن يسأله عن فائدته، فتمنعه(2) حكمته أن يسأل، وهذا صريح في أنَّه عاصر داود ◙، وقد ذكره ابن الجوزي في «التَّلقيح» بعد إبراهيم قبل إسماعيل وإسحاق، والصَّحيح أنَّه كان في زمن داود، وقد أخرج الطَّبَريُّ وغيره عن مجاهد أنَّه كان قاضيًا على بني إسرائيل زمن داود ◙، وقيل: إنَّه عاش ألف سنةٍ، نُقل عن ابن إسحاق، وهو غلط، وكأنَّه اختلط عليه بلقمان بن عاد، وروى ابن أبي حاتم عن قتادة: أنَّ لقمان خُيِّر بين الحكمة والنُّبوَّة، فاختار الحكمة، فسُئل عن ذلك فقال: خفت أن أضعف عن حمل أعباء النُّبوَّة، وقيل: كان خيَّاطًا، وقيل: نجَّارًا. انتهى مِنَ «الفتح».
          وذكر العلَّامة العينيُّ الاختلاف في نسبه، وقال أيضًا: وُلد على عشر سنين خلت مِنْ أيَّام داود ◙، قال(3) الواقديُّ والسُّدِّيُّ: إنَّه مات بأيلة، وقال قتادة: بالرَّملة [واتَّفق العلماء أنَّه كان حكيمًا] ولم يكن نَبِيًّا، إلَّا عكرمة فإنَّه كان يقول: إنَّه كان نَبِيًّا. انتهى.
          وبسط ابن كثير في «البداية» في أوصافه وسيرته، وقال: والمشهور عن الجمهور أنَّه كان حكيمًا وليًّا، ولم يكن نَبِيًّا. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((تارح)).
[2] في (المطبوع): ((فتمنع)).
[3] في (المطبوع): ((وقال)).