الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ذكر إدريس ◙

          ░5▒ (باب: ذكر إِدْرِيس وقول الله ╡: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم:57])
          قال الحافظ: سقط لفظ (باب) مِنْ رواية أبي ذرٍّ، وزاد في رواية الحَفْصِي: <وهو جدُّ أبي نوح، وقيل: جدُّ نوح> واختلف في لفظ إدريس، فقيل: هو عربيٌّ، واشتقاقه مِنَ الدِّراسة، وقيل له ذلك لكثرة درسِه الصُّحف، وقيل: بل هو سُريانيٌّ. انتهى.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: وكان أوَّلَ نبيٍّ أُعطي النُّبوَّة بعد آدم وشيث، وأوَّلَ مَنْ خطَّ بالقلم، وأدرك مِنْ حياة آدم ثلاث مئة سنة وثمان سنين، وقال ابن كثير: وقد قالت طائفة: إنَّه المشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السُّلَميِّ لمَّا سألَ النَّبيَّ صلعم عن الخطِّ بالرَّمْل فقال: ((إنَّه كان نبيٌّ يخطُّ بالرَّمل)) الحديث، وزعم كثير مِنَ المفسِّرين أنَّه أوَّل مَنْ تكلَّم في ذلك، ويسمُّونه هرمس الهَرامسة، ويَكْذبون عليه في أشياءَ كثيرةٍ كما كذبوا على غيره مِنَ الأنبياء. انتهى.
          قوله: ({وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}) ثمَّ ساق حديث الإسراء، وكأنَّه أشار بالتَّرجمة إلى ما وقع فيه أنَّه وجده في السَّماء الرَّابعة، وهو مكان عليٌّ بغير شكٍّ، استشكل(1) بعضهم ذلك بأنَّ غيره مِنَ الأنبياء أرفعُ مكانًا منه، ثمَّ أجاب بأنَّ المراد أنَّه لم يُرفع إلى السَّماء مَنْ هو حيٌّ غيره، وفيه نظر، لأنَّ عيسى أيضًا قد رُفع وهو حيٌّ على الصَّحيح، وكون إدريس رُفع وهو حيٌّ لم يثبت مِنْ طريقٍ مرفوعةٍ قويَّة، وذكر ابن قتيبة أنَّ إدريس رُفع وهو ابن ثلاث مئة وخمسين سنة، وفي حديث أبي ذرٍّ الطَّويل الَّذِي صحَّحه ابن حبَّان: ((أنَّ إدريسَ كان نَبِيًّا رسولًا)) وذكر ابن إسحاق له أوَّليَّاتٍ كثيرة منها [أنَّه] أوَّل مَنْ خاط الثِّياب. انتهى مختصرًا مِنَ «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((واستشكل)).