الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسنى الضر}

          ░20▒ (باب: قول الله ╡: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ} الآية [الأنبياء:83])
          وذكر الحافظ نسبه والاختلاف فيه، ثمَّ قال: وزعم بعض المتأخِّرين أنَّه مِنْ ذريَّة رُوم بن عِيص، ولا يثبت ذلك، وحكى ابن عساكر أنَّ أُمَّه بنت لوط ◙، وأنَّ أباه كان ممَّن آمن بإبراهيم، وعلى هذا فكان قبل موسى، وقال ابن إسحاق: الصَّحيح أنَّه كان مِنْ بني إسرائيل، ولم يصحَّ في نسبه شيء إلَّا أنَّ اسم أبيه أمْصُ، والله أعلم.
          وقالَ الطَّبَريُّ: كان بعد شعيب، وقال ابن أبي خَيْثَمة: كان بعد سُليمان.
          ثمَّ قال الحافظ بعد ذكرِ الحديث: لم يثبت عند البخاريِّ في قصَّة أيُّوب شيء، فاكتفى بهذا الحديث الَّذِي على شرطه، وأصحُّ ما ورد في قصَّته ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن جُريج، وصحَّحه ابن حِبَّان والحاكم بسنده عن أنس: أنَّ أيُّوب ◙ ابتُلي فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنةً، فرفضه القريبُ والبعيد إلَّا رَجلين مِنْ إخوانه... إلى آخر ما ذكر الحافظ مِنَ القصَّة بطولها، فارجع إليه لو شئت.
          وقال أيضًا: واختُلف في مدَّة بلائه، فقيل: ثلاث عشرة سنةً كما تقدَّم، وقيل: ثلاث سنين، وقيل: سبع سنين، وقيل: إنَّ امرأته قالت له: ألا تدعو الله ليعافيَك؟ فقال: قد عشت صحيحًا سبعين سنةً أفلا أصبر سبع سنين! والصَّحيح ما تقدَّم أنَّه لبث في بلائه ثلاث عشرة سنةً، وروى الطَّبَريُّ: أنَّ مدَّة عمره كانت ثلاثًا وتسعين سنةً، فعلى هذا فيكون عاش بعد أن عوفي عشر سنين، والله تعالى أعلم. انتهى.
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: وكان روميًّا مِنْ ولد عيص بن إسحاق، استنبأه الله، وكثَّر أهلَه وماله، فابتلاه الله بهلاك أولاده بهدم بيت عليهم وذهاب أمواله، والمرض في بدنه، فخرج مِنْ قرنه إلى قدمه ثآليلُ مثل أَلْيات الغنم في سائر بدنه، ولم يبقَ منه سليم سِوى قلبه ولسانه يذكر بهما الله ╡... إلى أن قال: وهو في كلِّ ذلك صابر يحمد الله ويحسن الثَّناء عليه، ولذا كان عبرة للصَّابرين وذكرى للعابدين. انتهى.