الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب

          ░20م▒ (باب) بغير ترجمةٍ
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: (باب) مِنْ غير ترجمة، وهو ساقط عند أبوي ذرٍّ والوقت.
          ولم يتعرَّض الحافظ لهذا الباب في «الفتح» وهو موجود في متن «الفتح».
          قالَ العَينيُّ: قد مَرَّ غير مرَّة أنَّ الباب إذا كَان مجرَّدًا يكون كالفَصْل مِنَ الباب الَّذِي قبله. انتهى. / ومع ذلك لم يتعرَّض العينيُّ لغرض الباب.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ بعد ذكر الحديث: استدلَّ بهذا الحصر على ردِّ القضاء بالشَّاهد واليمين فجعل القَسْطَلَّانيُّ هذا الحديث المذكور في الباب المجرَّد مطابقًا بالباب السَّابق.
          والأوجه عند هذا العبد الضَّعيف عفا الله عنه أنَّ مسألة القضاء بشاهد ويمين تقدَّمت كالنَّصِّ في الباب السَّابق، ولما فصل المصنِّف هذا الحديث بباب بلا ترجمة فينبغي أن يحمل هذا الباب على المسألتين الباقيتين مِنَ المسائل الأربعة المذكورة في الباب السَّابق، وهي المسألة الأولى والرَّابعة، فأشار الإمام البخاريُّ بهذا الباب إلى هاتين المسألتين، أمَّا المسألة الرَّابعة: فأثبتها بالحصر في قوله صلعم: (شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ) فإنَّه صلعم جعل اليمين نصيب المدَّعَى عليه.
          قال صاحب «الهداية»: ولا تردُّ اليمين على المدَّعِي، لقوله ╕: ((البَيِّنَةُ على المُدَّعِي واليَمِينُ على مَنْ أنْكَرَ)) والقسمة تنافي الشَّركة. انتهى مختصرًا.
          وبسط الكلام على المسألة في «الأوجز».
          وفيه عن «المغني»: إن قال_أي المدَّعَى عليه_: ما أريد أن أحلف، أو أسكت، فلم يذكر شيئًا نظرنا في المدَّعَى، فإن كان مالًا أو المقصود منه مال قضى عليه بنكوله، ولم تردَّ اليمين على المدَّعِي، نصَّ عليه أحمد، وبهذا قال أبو حنيفة، واختار أبو الخطاب أنَّ له ردَّ اليمين على المدَّعِي، وهو قول أهل المدينة، وبه قال شُريح ومالك في المال خاصَّة، وقاله الشَّافعيُّ في جميع الدَّعاوى، ولنا قوله صلعم: ((وَلَكِن الْيَمين عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ)) فحصرها في جانب المدَّعَى عليه، فأمَّا غير المال وما لا يقصد به المال فلا يُقْضَى فيه بالنُّكول، نصَّ عليه أحمد في القصاص. انتهى مختصرًا.
          وأمَّا المسألة الأولى وهي مسألة الاستظهار تقدَّم ذكره(1) في كلام الحافظ مجملًا في الباب السَّابق.
          قالَ العَينيُّ في الباب المذكور: هذه التَّرجمة مشتملة على حكمين:
          أحدهما: ألَّا يجب يمين الاستظهار، وفيه اختلاف العلماء وهو أنَّ المدَّعِي إذا أثبت ما يدَّعِيه ببَيِّنَته(2) فللحاكم أن يستحلفه أنَّ بَيَّنته شهدت بحقٍّ، وإليه ذهب شُريح والنَّخَعيُّ والأوزاعيُّ وغيرهم، وذهب مالكٌ والكوفيُّون والشَّافعيُّ وأحمدُ إلى أنَّه لا يمين عليه، وقال إسحاق: إذا استراب الحاكم أوجب ذلك، والحجَّة لهم حديث ابن مسعود الَّذِي مضى في الباب السَّابق مِنْ حيثُ إنَّه [صلعم] لم يقل للأشعث: تحلف مع البيِّنة، فلم يوجب على المدَّعي غير البيِّنة. انتهى.
          قلت: والحديث الَّذِي أشار إليه العينيُّ هو الَّذِي ذكره البخاريُّ في هذا الباب المجرَّد، وفيه قوله صلعم: (شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ) بالحصر فهذا يشير إلى أنَّ الإمام البخاريَّ أشار بباب مجرَّد إلى هذه المسألة.
          ثم لا يذهب عليك أنَّ هاهنا مسألة أخرى وهي خامسة لا تلتبس عليك بالرَّابعة، وهي مسألة الخلطة الَّتي ذكرها الإمام مالك في «موطَّئه» عن عمر بن عبد العزيز أنَّه إذا جاء الرَّجل يدَّعي على الرَّجل حقًّا نُظر، فإن كانت بينهما مخالطة أُحلف الَّذِي ادَّعَى(3) عليه، وإن لم يكن شيء مِنْ ذلك لم يُحْلِفه.
          قالَ الزُّرْقانيُّ: ذهب الأئمَّة الثَّلاثة وغيرهم إلى توجُّه اليمين على المدَّعَى عليه، سواء كان بينهما خلطة أم لا، لعموم حديث ابن عبَّاسٍ في «الصَّحيحين»: ((أنَّ النَّبيَّ صلعم قضى باليمين على المدَّعَى عليه)) لكن حمله مالكٌ وموافقوه على ما إذا كانت بينهما خلطة، لئلَّا يتبذَّل أهلُ السَّفَه أهلَ الفَضْل بتحليفهم مرارًا في اليوم الواحد، فاشترطت الخلطة لهذه المفسدة (4) . انتهى.
          وحكى ذلك عن أحمد أيضًا.


[1] في (المطبوع): ((ذكرها)).
[2] في (المطبوع): ((ببينة)).
[3] في (المطبوع): ((ادُّعي)).
[4] شرح الزرقاني على موطأ مالك:3/499