الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا عدل رجل أحدا فقال لا نعلم إلا خيرا

          ░2▒ (باب: إذا عَدَّل رَجُلٌ أحدًا، فقال: لا نعلم إلَّا خيرًا...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: دفع بذلك ما يُتوهَّم أنَّ هذا اللَّفظ ليس فيها(1) تصريح بتزكيته بحسب الواقع، وإنَّما هو إخبار عن علمه، وحاصل الدَّفع أنَّ المرء لا يخبر إلَّا عن علمه، فلو لم يصرِّح في الشَّهادة بهذا القيد لكان المراد هو الإخبار عن علمه أيضًا لا عن الواقع، إذ لا وقوف عليه. انتهى.
          وفي «هامشه»: أبدع الشَّيخ قُدِّس سِرُّه في مرام البخاريِّ وأجاد، وأشار الإمام البخاريُّ بذلك إلى مسألة خلافيَّة شهيرة، وهي ما قال الحافظان ابنُ حَجَرٍ والعَينيُّ عن ابن بطَّالٍ أنَّه قال: حكى الطَّحاويُّ عن أبي يوسف إذ(2) قال ذلك قُبلت شهادته، واحتجَّ بحديث الإفك، وعن محمَّد: لا بدَّ أن يقول المعدِّل: هو عدلٌ جائزُ الشَّهادة، والأصحُّ أنَّه يكتفي بقوله: (هو عدل) وأنكر مالك أن يكون ذلك تزكية حتَّى يقول: رضًا، أي: بالقصر، وقال الشَّافعيُّ: حتَّى يقول: عدل، وفي قول: عدلٌ عليَّ ولِي.
          وفي «التَّوضيح»: الأصحُّ عندنا_يعني الشَّافعيَّة_ أنَّه يكفي أن يقول: هو عدل، ولا يشترط: عَلَيَّ ولي، ثمَّ لا يقْبله حتَّى يسأله عن معرفته، ولا بدَّ مِنْ معرفة المزكِّي حاله الباطنة، فإن كان يعرفها يُقبل، وإلَّا لا. انتهى مختصرًا مِنَ «الفتح» والعينيِّ.
          وفي «الهداية»: قيل: لا بدَّ أن يقول المعدِّل: هو حرٌّ عدلٌ جائز الشَّهادة، لأنَّ العبد قد يعدَّل، وقيل: يكتفي بقوله: عدل، لأنَّ الحرِّيَّة ثابتة بالدَّار، وهذا أصحُّ. انتهى.
          ثم قال الحافظ: لم يَبُتَّ البخاريُّ الحكم في التَّرجمة، بل أَوْرَدَها مَوْرِد السؤال لقُوَّةِ الخِلَاف فيها. انتهى.
          قلت: وظاهر مَيل البخاريِّ إلى ما حكى الطَّحَاويُّ عن أبي يوسف إذ أورد في الباب حديث الإفك، وموضع التَّرجمة منه قول أسامة: (أهْلَك، ولا نَعْلَم إلَّا خَيْرًا). انتهى.


[1] في (المطبوع): ((فيه)).
[2] في (المطبوع): ((إذا)).