الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما قيل في شهادة الزور

          ░10▒ (باب: مَا قِيلَ في شَهَادَةِ الزُّور)
          أي: مِنَ التَّغليظ والوعيد، وقوله: (لقول الله ╡...) إلى آخره، أشار إلى أنَّ الآية سيقت في ذمِّ متعاطي شهادة الزُّور، وهو اختيار منه لأحد ما قيل في تفسيرها ثمَّ ذكر الحافظ بعض الأقوال في تفسيرها.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: دلالة الحديثين على أحد جزأي التَّرجمة واضحة ولا يظهر دلالتهما على جزئها الثَّاني، وهو كتمان الشَّهادة، والجواب: أنَّ شهادة الزُّور وهو الكذب فيها مستلزم لكتمان الشَّهادة في حقِّ غير المشهور له، فالتَّرجمة ثابتة بكلا جزأيها مِنْ غير تكلُّف. انتهى.
          قلت: ما أفاده الشَّيخ وجيهٌ لطيفٌ جدًا، وإلى الجواب عن هذا الإشكال أشار الحافظ بقوله.
          قوله: (تلووا ألسنتكم بالشَّهادة) هو تفسير ابن عبَّاسٍ أخرجه الطَّبَريُّ عنه في قوله: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} [النِّساء:135] أي: تلووا ألسنتكم بالشَّهادة أو تعرضوا عنها، ومِنْ طريق العوفيِّ عن ابن عبَّاسٍ في هذه الآية، قال: تلوي لسانك بغير الحقِّ، وهي اللَّجْلَجَة فلا تُقِيم الشَّهادة على وجْهِهَا، والإعْراضُ عَنْها: التَّرك، وكأنَّ المصنِّف أشار بنظم كتمان الشَّهادة مع شهادة الزُّور إلى هذا الأثر وإلى أنَّ(1) تحريم شهادة الزُّور لكونها سببًا لإبطال الحقِّ، فكتمان الشَّهادة أيضًا سبب لإبطال الحقِّ، وإلى الحديث الَّذِي أخرجه أحمد مِنْ حديث ابن مسعود مرفوعًا: ((إنَّ بين يدي السَّاعة)) فذكر أشياء ثمَّ قال: ((وظهور شهادة الزور، وكتمان شهادة الحقِّ)). انتهى مِنَ «الفتح».


[1] قوله: ((أن)) ليس في (المطبوع).