الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الشهداء العدول

          ░5▒ (باب: الشُّهداء العدول...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: أي: بحسب ما يبدو لنا مِنْ أحوالهم، وبذلك ينطبق الحديث بالتَّرجمة. انتهى.
          وفي «هامشه»: كما هو نصُّ قول عمر، ومعناه ثابت مرفوعًا كما سيأتي في البخاريِّ في (باب: بعث عليٍّ وخالد إلى اليمن) إذ قال خالد: كم مِنْ مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، قال رسول الله صلعم: (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاس وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) الحديث، وما أفاده الشَّيخ ☼ هو الظَّاهر مِنْ غرض التَّرجمة لأنَّه ليس في الحديث ما يدلُّ على مصداق العدل، وبَسَطَ العلَّامةُ العينيُّ الأقوال في تفسيره.
          والأوجَهُ عندي أنَّ ميل الإمام البخاريِّ في ذلك إلى قول الإمام أبي حنيفة، ففي «الهداية» قال أبو حنيفة: يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم ولا يسأل عن حال الشُّهود حتَّى يطعن الخصم لقوله ╕: ((الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا محدودًا في قذف)) ولأنَّ الظَّاهر هو الانزجار عمَّا هو محرَّم دِينه وبالظَّاهر كفاية إذ لا وصول إلى القطع إلَّا في الحدود والقصاص، فإنَّه يسأل عن الشُّهود لأنَّه يحتال لإسقاطها، فيشترط الاستقصاء فيها، وقال صاحباه: لا بدَّ أن يسأل عنهم في السِّرِّ والعلانية في سائر الحقوق، لأنَّ القضاء بناه(1) على الحجَّة، وهي شهادة العدول فيتعرَّف عن العدالة / وقيل: هذا اختلاف عصر وزمان، والفتوى على قولها: في هذا الزَّمان. انتهى مختصرًا.
          وبسط الكلام على المسألة في «الأوجز» وعنه في «هامش اللَّامع» وفيه مِنْ رواية «الموطَّأ» في قصَّة وفي آخرها: قال عمر رضي الله تعالى عنه: ((والله لا يوسر(2) رَجل في الإسلام بغير العدول)) قال الباجيُّ: معناه: لا يؤسر إلَّا بالصَّحابة الَّذين جميعهم عدول أو بالعدل مِنْ غيرهم، فمَنْ لم يكن مِنَ الصَّحابة ولم تُعرف عدالته لم تُقبل شهادته، وهذا مذهب مالك والشَّافعيِّ، وقال أبو حنيفة: مجرَّد الإسلام يقتضي العدالة حتَّى يُعرف فسقه. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((مبناه)).
[2] في (المطبوع): ((يؤسر)).