الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب شهادة المختبي

          ░3▒ (باب: شَهَادة المُخْتَبي(1))
          بالخاء المعجمة [و]الموحَّدة، أي: الَّذِي يختفي عند تحمل الشَّهادة، (وأجازه)، أي: الاختباء عن تحمُّلِها.
          (قوله: وكذلك يفعل بالكاذب) كأنَّه أشار إلى السَّبب في قَبُول شهادته، وبه قال مالكٌ وأحمدُ والشَّافعيُّ في الجديد إذا عاين المشهود عليه، وقال أبو حنيفة: لا. انتهى مِنَ «الفتح» والقَسْطَلَّانيِّ.
          قالَ العَينيُّ: ورُوي عن شُرْيح والشَّعْبيِّ والنَّخَعيِّ أنَّهم كانوا لا يجيزون شهادة المختبئ، وقالوا: إنَّه ليس بعدل حين اختفى ممَّن يشهد عليه، وهو قول أبي حنيفة والشَّافعيِّ في القديم. انتهى.
          وفي «المغني»: وروي / عن أحمد رواية أخرى: لا تُسْمَع شهادته، وقال مالك: إن كان المشهود عليه ضعيفًا ينخدع لا يُقْبَل، وإلَّا قُبِلت. انتهى.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع» تحت الباب: يعني بذلك: مَنِ اكتفى بالسَّمع ولم يشترط الروية(2) أو ردَّ فيه الرِّوايات لا تدلُّ على ما ادَّعاه، وأمَّا قول الحسن فمع أنَّه لا يلزم تسليم قوله يمكن أنَّه شهد القصَّة ورآها، وإن لم يُشهدوه عليها، وليس فيه تصريح بأنَّه لم يرَ القصَّة حتَّى يتمَّ ما ادَّعاه، وأمَّا قول النَّبيِّ صلعم: ((لو تركته بَيِّن)) لا حجَّة لهم فيه لأنَّه كان يرى ابن صيَّاد، والرِّواية(3) هي المناط، وكانت حاصلة، فنقول: لو أن المختفي رأى مِنَ الدَّاخل مَنْ يتكلَّم ولو لم يشافهه ولم يواجهه بحيث يبصر كلٌّ منهما صاحبه جازت الشَّهادة لارتفاع علَّة المنع، وهو ما في الأصوات مِنِ اختلاط واشتباه. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((المختبئ)).
[2] في (المطبوع): ((الرؤية)).
[3] في (المطبوع): ((والرؤية)).