التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أصيب سعد يوم الخندق رماه رجل من قريش

          4122- قوله: (حَدَّثَنَا(1) زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى): هذا هو زكريَّا بن يحيى بن صالح البلخيُّ، أبو يحيى اللؤلؤيُّ، الحافظ الفقيه، عن وكيع، وعبد الله بن نمير، والطبقة، وعنه: البُخاريُّ، وأحمد بن سيَّار المروزيُّ، وجعفرٌ الفريابيُّ، وآخرون، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، فقال: (كان صاحب سُنَّة وفضل، وممَّن يردُّ على أهل البدع، وهو صاحب كتاب «الإيمان»)، وقال أحمد بن يعقوب: (مات لخمس بقين من ذي الحجَّة سنة «230هـ»)، أخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، ولا يَحتمل أن يكون زكريَّا بن يحيى بن عمر بن حصن أبا السُّكين الطائيَّ الكوفيَّ نزيل بغداد، روى عن أبيه، وعبد الرحمن المحاربيِّ، وعبد الله بن نمير، وأبي بكر بن عيَّاش، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، وابن أبي الدنيا، وعبدان، وابن صاعد، وخلق، وثَّقه الخطيب وغيره، تُوفِّي سنة ░251هـ▒، أخرج له البُخاريُّ فقط.
          ثُمَّ إنَّي رأيت أبا عليٍّ الجيَّانيَّ قال في أبي يحيى البلخيِّ: (حدَّث عنه البُخاريُّ في «الوضوء» [خ¦147]، و«التيمم» [خ¦336]، و«المغازي» [خ¦4122] في «باب مرجع النَّبيِّ صلعم من الأحزاب»؛ يعني: هذا الباب، وأمَّا الثاني؛ ففي كتاب «العيدين» [خ¦966] قال الدارقطنيُّ في تسمية رجال البُخاريِّ: «زكريَّا ابن يحيى الكوفيُّ»، ولعلَّه يريد: أبا السُّكين، وذكر أبو أحمد بن عديٍّ في «باب من حدَّث عنه البُخاريُّ»: «زكريَّا بن يحيى بن زكريَّا بن أبي زائدة الكوفيُّ»، وقال: «يروي عن ابن نمير»، ولم يذكره الكلاباذيُّ، إنَّما ذكر البلخيَّ وأبا السُّكين لا غير، والله أعلم) بالصواب، انتهى كلامه ملخَّصًا.
          قوله: (يُقَالُ لَهُ: حِبَّانُ ابْنُ الْعَرِقَةِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الحاء، وتشديد الموحَّدة، وتَقَدَّم [الكلام] على نسبه، وعلى أمِّه (العَرِقة) [خ¦3081]، وأنَّه هلك على كفره [خ¦1383].
          تنبيه: ذكر أنَّ الذي رمى سعدًا هو حِبَّان ابن العَرِقة، ولم يذكر فيه خلافًا، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس» لمَّا ذكر حِبَّان ابن العَرِقة أنَّه الذي رمى سعد بن معاذ؛ قال: (ويقال: بل الذي رماه خفاجة بن عاصم بن جبارة، ويقال: الذي رماه أبو أسامة الجُشميُّ حليف بني مخزوم)، انتهى، والثلاثة لا أعلم لهم إسلامًا، والقولان حِبَّان وأبو أسامة في كلام ابن إسحاق، وأمَّا خفاجة؛ فممَّا زاده ابن هشام على ابن إسحاق، والله أعلم.
          قوله: (فِي الأَكْحَلِ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ كاف ساكنة، ثُمَّ حاء مهملة، ثُمَّ لام؛ عرق معروف، قال الخليل: (هو عرق الحياة، وقال غيره: هو نهر الحياة، في كلِّ عضوٍ منه شعبةٌ لها اسمٌ على حدة، إذا قُطِع من اليد؛ لم يرقأ دمُه)، وقال أبو حاتم: (هو عرق في اليد، وفي الفخذ النَّسا، وفي الظهر الأبهر)، وقد تَقَدَّم [خ¦463].
          قوله: (قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ، وَاللهِ مَا وَضَعْتُهُ): (وضعتَ): الأولى بفتح التاء على الخطاب، و(ما وضعتُه): بالضمِّ على التكلُّم، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ): وقد تَقَدَّم أنَّ بني قُرَيظة نزلوا على حكم سعد ابن معاذ [خ¦3043] [خ¦4121]، وفي «الأموال» لأبي عُبيد: (قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله صلعم، فأبَوا، واختاروا النزول على حكم سعد)، قال شيخنا: (قال ابن التين: لعلَّه ردَّ ذلك قبل نزولهم، وكانوا من حلفاء قومه، فرجوا أن يستبقيهم)، انتهى. /
          قوله: (أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ): (تُقتَل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و(المقاتِلةُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وكذلك (تُسْبَى النِّسَاءُ)، و(الذُّرِّيَّةُ): مرفوعٌ معطوف على (النساء)، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
          قوله: (وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ): (تُقسَم): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعله، و(أموالُهم): بالرَّفع نائب مناب الفاعل.
          قوله: (فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ؛ فَأَبْقِنِي لَهُ): دُعاء سعدٍ هذا على قريش لعلَّه يُدَّخَر له؛ لأنَّ الله لم يضع حرب قريش، وحملُه على بني قريظة خروجٌ عن الظَّاهر؛ لأنَّه قال: (مِن حرب قريش فأبقني)، قيل: (ويَحتمل أن يكون أراد في ذلك الوجه أو لحرب(2) الذين ثابوا راجعين إلى المدينة، كما فعلوا في أُحُد والأحزاب)، انتهى، قاله شيخنا.
          قوله: (فَأَبْقِنِي): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (فَافْجُرْهَا): هو بهمزة وصل، وضمِّ الجيم، وهذا ظاهرٌ أيضًا.
          قوله: (فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ): (اللَّبة)؛ بفتح اللام، وتشديد الموحَّدة: النحر، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (من ليلته)، قال ابن قُرقُول: («من لَبَّته»؛ كذا لأبي بحر، وعند الصدفيِّ: «من لِيْتهِ»؛ أي: من صفحة عنقه، وعند غيرهما(3): من ليلته، وكذا للباجيِّ).
          قوله: (فَلَمْ يَرُعْهُمْ)؛ أي: يُفزعهم.
          قوله: (وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ لِبَنِي(4) غِفَارٍَ): في «الأُسْدِ»: أنَّه ◙ أمر أن يُجعَل في خيمة رُفيدة الأسلميَّة، وذكر ابن شيخنا البلقينيِّ عن ابن قتيبة قال: (وهي امرأة من أسلم، كان سعد يُمرَّض في خيمتها)، انتهى، وفي سيرة لا أعرف مؤلفها(5) _وهي سيرة طويلة جدًّا_: أنَّ الخيمة لكُعيبة بنت سعد الأسلميَّة، انتهى، وفي «الصَّحابة» للذَّهبيِّ: كعيبة بنت سعيد الأسلميَّة.
          قوله: (مِنْ قِبَلِكُمْ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا): (يغْذُو): هو بالغين الساكنة، وبالذال المضمومة المعجمتين؛ أي: يسيل، قال ابن قُرقُول: («يَغْذُو»؛ أي: يسيل لا يرقأ؛ كذا للقابسيِّ ولأبي بحر من شيوخنا عن مسلم؛ مثلُ: يَعِذُّ، وعند أكثرهم عن البُخاريِّ: يَغْذُو [خ¦463]؛ [مثلُ: يَغْرُو]، وهما بمعنًى، وقال ابن دريد: «غَذى الجرح والعِرق يَغذي؛ إذا لم يرق»، وعند ابن ماهان: «يصبُّ»، وقال صاحب «العين»: «غذِي الجرح: ورم»، وأيضًا: بَرِئَ).


[1] كذا في (أ) و«اليونينيَّة»، وفي (ق): (حدَّثني)، وهي رواية ابن عساكر.
[2] في (أ): (الحرب)، والمثبت من مصدره، ولعله الصواب، وتقديره: (أو يكون لحرب...).
[3] في (أ): (وعندهما)، والمثبت من مصدره، ومراده عند غير أبي بحر والصدفي.
[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ).
[5] في (أ): (موقها).