التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: لما أراد النبي أن يكتب إلى الروم

          2938- قوله: (لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صلعم أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ): تَقَدَّم الكلام على (الروم) قريبًا [خ¦56/93-4578]، وتَقَدَّم في أوَّل هذا التَّعليق وقتُ كتابته ╕ إلى الملوك [خ¦7].
          قوله: (فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ): اعلم أنَّه ╕ اتَّخذه سنة ستٍّ، وقد تَقَدَّم الاختلافُ في تاريخ الكتابة [خ¦7]، واعلم أنَّه اختلفتِ الرواياتُ في صفة الخاتم، فيحتمل أن تكون خواتم متعدَّدة، وقد كان له ╕ خاتم فضَّةٍ، وخاتمٌ من ذهب قبل النهي، ثمَّ طرحه، وخاتمُ حديدٍ ملويٌّ(1) بفضَّة، نقشه: مُحَمَّد رسولُ الله، قال ذلك أبو الفتح ابن سيِّد الناس، وفي «مسلم» من حديث أنس ☺: (كان خاتم النَّبيِّ صلعم من فضَّة، وكان فَصُّه حبشيًّا)، وفي «البخاريِّ»: (كان فَصُّه منه) [خ¦5870]، قال أبو عمر: هذا أصحُّ، وقال غيره: كلاهما صحيحٌ، وكان له ╕ خاتمُ فضَّة فَصُّه منه، وفي وقتٍ خاتمٌ فَصُّه حبشيٌّ، وفي حديث آخر: (فَصُّه من عقيق)، قاله النَّوويُّ، وفي معنى (الحبشيِّ) قولان، قال ابنُ الأثير: (يحتمل أنَّه أراد من الجَزْع أو العقيق؛ لأنَّ معدِنهما اليمنُ والحبشة، أو نوعًا آخرَ يُنسَب إليها) انتهى، فإن كان المراد بالخاتم الذي فَصُّه حبشيٌّ: فَصُّه عقيق؛ فهما واحدٌ، أو جَزْعًا أو نوعًا آخر؛ فهما خاتمان.
          فإذن الحاصل خمسة خواتم؛ خاتم ذهب قبل التحريم، ثمَّ فضَّة وفَصُّه منه، وآخر فضَّة فَصُّه حبشيٌّ _وفي معنى الحبشيِّ قولان تقدَّما_ وآخر فَصُّه عقيق، وآخر حديدٌ ملويٌّ عليه فضَّة.
          وقد تَقَدَّم (الخاتم) فيه أربع لُغاتٍ: خاتَـِم؛ بفتح التاء وكسرها، وخَيتام، وخاتام [خ¦65].
          قوله: (وَنَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وما قاله فيه الإسنويُّ الإمام الفقيه جمال الدين عبد الرَّحيم في «المهمَّات»، وما تفقَّهته أنا [خ¦65]، والله أعلم.
          فائدة: ما ذكره البخاريُّ في نقشه هو المعروف الثابت، وقال شيخنا: (وقيل: كان نقشه: لا إله إلا الله مُحَمَّدٌ رسول الله) انتهى، وقال شيخُنا أيضًا: (وكان نقش الخاتم في الفصِّ، وكان الفصُّ حبشيًّا، أو عقيقًا، ومن شأن الخلفاء والقضاة نقش أسمائهم في خواتمهم) انتهى.


[1] في (ب): (يلوى).