التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: الحرب خدعة

          قوله: (بَابٌ: الْحَرْبُ خَدْعَةٌ): قال الدِّمياطيُّ: (فيه أربعة أوجه: خَدْعة، وخُدْعة، وخُدَعة، وخَدَعة) انتهى، وقد نقل شيخُنا عن مكِّيٍّ [ومحمَّد] بن عبد الواحد لغةً خامسةً؛ وهي بكسر الخاء وسكون الدَّال، قال: (وحكاها ابنُ قتيبة عن يونسَ)، انتهى، قال ابنُ قُرقُول: («خَدْعة»: كذا لأبي ذرٍّ وأكثرِ الرواة لـ«الصَّحيحين» [خ¦3028] [خ¦3030]، وضبطها الأصيليُّ: «خُدْعة»، قال أبو ذرٍّ: لغة النَّبيِّ صلعم بالفتح، وبه قال الأصمعيُّ وغيرُه، وحكى يونسُ فيها الوجهين، ووجهًا ثالثًا «خُدَعة»؛ بضَمِّ الخاء وفتح الدَّال، ولغة رابعة: «خَدَعة»؛ بفتحهما، فـ«الخَدْعة» بمعنى: أنَّ أمرَها ينقضي بخَدْعة واحدةٍ يُخدَع بها المخدوع، فتزلُّ قدمه، ولا يجد لها تلافيًا ولا إقالةً، وكأنَّه نبَّه على أخذ الحذر مِن مثل ذلك، ومَن ضمَّ الخاء وسكَّن الدال؛ فمعناه: أنَّها تَخْدَع؛ يعني: أهلَها ومباشريها، ومن ضمَّ الخاء وفتح الدَّال؛ نسب الفعل إليها؛ أي: تَخدعُ مَنِ اطمأنَّ إليها، وأنَّ أهلها يُخدَعون فيها، ومَن فتحهما جميعًا؛ كأنَّه جمعُ «خادع»؛ يعني: أنَّ أهلَها بهذه الصِّفَة فلا يُطمأنُّ إليهم؛ كأنَّه قال: أهلُ الحربِ خَدَعةٌ، ثمَّ حذف المضاف، وأصل «الخدع» إظهارُ أمرٍ وإضمارُ خلافِه، ويقال: خدع الرِّيق؛ إذا فسد، فكأنَّ الخِداع يُفسِد تدبير المخدوع وينقل رأيه) انتهى.
          تنبيهٌ: هذا قاله صلعم يوم الخندق لنُعَيم بن مسعود، وقصَّته معروفةٌ ☺، كذا قاله بعضُ أهلِ السِّيَر، وهي مِنَ الكلمات التي لم يُسبَق صلعم [إليها]، وسأذكرها مجموعةً فيما وقفت عليه في مكانٍ يليق بها [خ¦64/55-6248]، والله أعلم.