التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب القليل من الغلول

          قوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلعم: أَنَّهُ حَرَّقَ مَتَاعَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ): (يَذكُر): مبنيٌّ للفاعل، وفاعلُه عبدُ الله بن عمرو بن العاصي، وقولُه: (وهذا أصحُّ)؛ أي: مِنَ الحديث الذي فيه أنَّه ╕ أمر بتحريق متاع الغالِّ، والحديثُ المشارُ إليه في التحريق أخرجه أبو داود في «سننه» في (كتاب الجهاد) من حديث عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: (أنَّ النَّبيَّ صلعم وأبا بكر وعُمرَ حرَّقوا متاع الغالِّ وضربوه)، قال أبو داود: وزاد فيه عليُّ بن بحر عن الوليد _ولم أسمعه منه_: (ومنعوه سهمه)، ثُمَّ ذكره أبو داود عقيب ذلك بإسنادٍ آخرَ عن عمرو بن شعيب قولَه، وقد ذكر أبو داود في «سننه» بإسناده إلى عمر بن الخَطَّاب عن النَّبيِّ صلعم قال: «إذا وجدتُم الرَّجُلَ قد غلَّ؛ فأحرقوا متاعَه واضربوه».
          وقوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: أَنَّهُ حَرَّقَ مَتَاعَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ)؛ أي: أصحُّ من الحديث الذي قدَّمتُه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، والحديثُ المشارُ إليه في عدم التحريق هو ما ذكره البُخاريُّ هنا من حديث عبد الله بن عمرو في متاع كِرْكِرَة [خ¦3074]، فإنَّه لم يُذكَر فيه تحريقٌ، ويشهد لعدم التحريق أيضًا: ما رواه أبو داود من حديث عبد الله بن بُرَيدة عن عبد الله بن عمرو: كان رسول الله صلعم إذا أصاب غنيمةً؛ أمر بلالًا فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم، فيخمِّسه ويقسمه، فجاء رجلٌ بعد ذلك بزمام من شَعر، فقال: يا رسول الله، هذا فيما كنَّا أصبناه من الغنيمة، فقال: «أسمعتَ بلالًا ينادي؟» ثلاثًا، قال: نعم، قال: «فما منعك أن تجيء به؟»، فاعتذر، فقال: «كن أنت تجيء به يوم القيامة، فلن أقبلَه عنك»)، انتهى.