التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب فضل من أسلم من أهل الكتابين

          قوله: (بَابُ فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ): ذكر ابنُ المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (إن قيل: مؤمنُ أهلِ الكتاب لا بُدَّ أن يكون مؤمنًا به صلعم؛ للعهد المُتقدِّم والميثاق، فإذا بُعِث صلعم؛ فإيمانه الأوَّل مُستمرٌّ، فكيف تعدَّد حتَّى يتعدَّد أجرُه؟ قيل: إيمانه الأوَّل بأنَّ الموصوفَ كذا رسولُ الله، وثانيًا أنَّ مُحَمَّدًا صلعم هو الموصوفُ، وهما معلومان متباينان) انتهى، وفي «شرح مسلم» للنَّوويِّ: (له أجران؛ أحدهما: لإيمانه بنبيِّه قبل النَّسخ، والثاني: لإيمانه بنبيِّنا صلعم) انتهى، وقال شيخُنا: (قال المُهلَّبُ: فيه: أنَّ مَن أحسن في معنيين مِن أيِّ فعل كان من أفعال البِرِّ؛ فله أجرُه مرَّتين، والله يضاعف لمن يشاء، وإنَّما جاء النَّصُّ في هؤلاء؛ ليستدلَّ بذلك في سائر النَّاس وسائر الأعمال) انتهى، وقال شيخُنا أيضًا: («ومؤمن أهل الكتاب»؛ يعني: مَن بُعِث رسول الله صلعم وهو على دين عيسى.
          وأمَّا اليهودُ وغيرُهم ممَّن كان على غير الإسلام؛ فإنَّما وُضِع عنه ما كان عليه مِن كُفرٍ، ويُؤتَى ثواب ما كان يفعله لله في حال كفره، قال ╕ [لحَكِيم]: «أسلمتَ على ما أسلفتَ مِن خير» [خ¦1436]، قاله الدَّاوديُّ، وتعقَّبه ابنُ التِّين فقال: هذا الذي ذكره إنَّما يصحُّ لو كان عيسى أُرسِل إلى سائر الأمم، لكن مَن كذَّب به كان كافرًا، فإن يكن أحدٌ لم يكذِّب به، أو لم يعلم برسالته، وبقي على دِينه يهوديًّا أو غيره، فله أجران إذا أسلم، وهو معنى قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا}[القصص:54])، انتهى.