التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}

          قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ ╡: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}[التوبة:52]، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب كعادته، ثمَّ قال: (استَشكل الشَّارحُ _يعني: ابن بطَّال_ التَّرجمةَ بالآية ومطابقتها لحديث هرقل من حيث إنَّه ظنَّ أنَّ المطابقةَ [في] قوله: «الحربُ بيننا وبينه سجال»، / مع قول هرقل: «وكذلك الرُّسل»، والتحقيق أنَّ البخاريَّ ما ساق الحديث إلَّا لقوله: «وكذلك الرُّسل تُبتَلى، ثمَّ تكون لهم العاقبة»، فبهذا يتحقَّق أنَّهم على إحدى الحُسنَيين؛ إن انتصروا؛ فلهم العاجلةُ والعاقبةُ، وإن انتصر(1) عدوُّهم؛ فللرُّسِلُ العاقبةُ، والعاقبةُ خيرٌ من العاجلةِ وأحسنُ، ففي تمام حديث هرقلَ تظهر المطابقة، والله تعالى أعلمُ) انتهى.
          وقال شيخُنا: (فإن قلتَ: أغفل البخاريُّ أن يذكر تفسيرَ الآيةِ في الباب، وذكر حديثَ ابنِ عبَّاس: «أنَّ الحربَ سِجَالٌ» فما تعلُّقه بالآية التي ترجمَ بها؟ فالجواب: تعلُّقُه بها صحيحٌ، والآيةُ مُصدِّقةٌ للحديث، والحديثُ(2) مُبيِّنٌ للآية، وإذا كانت الحربُ سجالًا؛ فذلك إحدى الحُسنَيَين؛ لأنَّها إن كانت علينا؛ فهي الشَّهادة، وتلك أكبرُ الحُسنيين، وإن كانت لنا؛ فهي الغنيمة، وتلك أصغرُ الحُسنَيين، فالحديث مطابقٌ لمعنى الآية، فكلُّ فتحٍ يقع إلى يوم القيامة أو غنيمةٍ؛ فإنَّه من إحدى الحُسنيين، وكلُّ قتيلٍ يُقتَل في سبيل الله إلى يوم القيامة؛ فهو من إحدى الحُسنَيين له) انتهى.
          قوله: (وَالْحَرْبُ سِجَالٌ): هو بكسر السِّين المهملة، وتخفيف الجيم، وفي آخره لامٌ؛ أي: مرَّةً على هؤلاء، ومرَّةً على هؤلاء، من مساجلة المستقين على البئر بالدِّلاء.


[1] زيد في (ب): (عليهم).
[2] زيد في (ب): (والحديث)، وهو تكرارٌ.