التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب كتابة الإمام الناس

          قوله: (بَابُ كِتَابَةِ الإِمَامِ النَّاسَ): (النَّاسَ) مَنْصُوبٌ؛ لأنَّه مفعول المصدر؛ وهو (كتابة)، واعلم أنَّ ابنَ المُنَيِّر ذكر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (موضعُ الترجمة من الفقه: ألَّا يُتخيَّل أنَّ كتابة النَّاس إحصاءٌ لعددهم، وقد يكون ذريعةً لارتفاع البركة منهم، كما ورد في الدَّعوات على الكفَّار: «اللَّهمَّ؛ أَحصِهم عددًا»؛ أي: ارفعِ البركة منهم، فإنَّما خرج هذا عن هذا النَّحوِ؛ لأنَّ الكتابةَ لمصلحة دِينيَّة، والمُؤاخَذة التي وقعت ليست مِن ناحية الكتابة، ولكنْ مِن ناحية إعجابهم بكثرتهم، فأُدِّبُوا بالخوف المذكور في الحديث، ثُمَّ إنَّ التَّرجمة تطابق الكتابة الأولى، وأمَّا هذه الثانية؛ فكتابةٌ خاصَّةٌ لقومٍ بأعيانهم) انتهى.
          قال شيخُنا: ([قوله: «فكتبنا ألفًا وخمسَ مئةٍ»]: قال الدَّاوديُّ: لعلَّ هذا كان عام الحديبية)، وظاهر الكلام: أنَّه سقط منه شيء بعد قوله: (الحديبية)؛ لأنَّ الكلام فيه يدلُّ على ذلك، وقال بعد ذلك: («نخاف ونحن ألفٌ وخمسُ مئة»؛ يريد: أيَّام حفر الخندق)، انتهى، وقوله: (أيَّام حفر الخندق): اعلم أنَّهم كانوا في الخندق ثلاثة آلاف على ما قاله ابن سعد، وأمَّا ابنُ إسحاق؛ فنقل عنه ابنُ قَيِّمِ الجَوزيَّة: أنَّهم كانوا سبعَ مئة، قال ابنُ القَيِّمِ: (وهذا غلطٌ مِن خروجه يوم أُحُد) انتهى، وقال قتادة فيما نُقِل عنه: (إنَّ الصَّحَابة كانوا _فيما بَلَغنا_ ألفًا)، ونقل شيخنا الشَّارح في مكانٍ: (أنَّ المسلمين كانوا نحوًا من ألف)، قال: (وفي لفظٍ: «ثمان مئةٍ أو ثلاث مئةٍ») انتهى.