التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم

          ░37▒ (بَابُ: اقْرَؤوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عليه قُلُوبُكُم).
          5060- ذكر فيه حديثَ جريرٍ أخرجه مِنْ حديث حمَّاد بن زيدٍ وسَلَّامِ بن أبي مُطِيعٍ عن أبي عِمران الجَوْنيِّ، واسمُه عبد الملك بن حبيبٍ الأزديُّ البصريُّ، عن جُنْدَبِ / بن عبد الله أنَّه ◙ قَالَ: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ قُومُوا عَنْهُ).
          (تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبَانُ، وَقَالَ غُنْدَرٌ: عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَوْلَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ عُمَرَ قَوْلَهُ، وَجُنْدَبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ).
          وَقَالَ في كتاب الاعتصام [خ¦7365]: قَالَ يزيد بن هارون عن هارون الأعورِ. وهذا أخرجه النَّسَائيُّ عن عبد الله بن الهيثم عن مسلم بن إبراهيم عن هارون بن موسى النَّحويِّ.
          وقولُ ابن عَونٍ أخرجه النَّسَائيُّ أيضًا عن مُحمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم عن إسحاق الأزرق عن عبد الله بن عونٍ به، وأخرجه الإسماعيليُّ عن ابنِ عبد الكريم: حَدَّثنا بُنْدارٌ، حَدَّثنا مُعاذٌ، حَدَّثنا ابن عَونٍ به، قَالَ الإسماعيليُّ: وعن عبد الله بن الصَّامت عن أبي ذرٍّ مثلَه، وقول غُنْدَرٍ أخرجه الإسماعيليُّ عن ابن عبد الكريم: حَدَّثنا بُنْدارٌ، حَدَّثنا شعبةُ به.
          وقوله: (اقْرَؤوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عليه قُلُوبُكُمْ) فيه الحضُّ على الألفة والتَّحذير مِنَ الفرقة في الدِّين، فكأنَّه قَالَ ◙: اقرؤوا القرآن والزموا الائتلاف على ما دلَّ عليه وقاد إليه، فإذا اختلفتم فقوموا عنه، أي فإذا عَرض عارضُ شبهةٍ توجب المنازعة الدَّاعية إلى الفرقة فقوموا عنه، أي فاتركوا تلك الشُّبهة الدَّاعية إلى الفرقة، وارجعوا إلى المُحكَم الموجبِ للأُلفة، وقوموا عن الاختلاف وعن ما أدَّى إليه وقاد إليه لا أنَّه أمرهم بترك قراءة القرآن باختلاف القراءات الَّتي أباحها لهم لأنَّه قَالَ لابن مسعودٍ الآتي وللرَّجل الَّذي أنكر عليه مخالفته له في القراءة: ((كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ))، فدلَّ أنَّه لم ينهه ◙ عمَّا جعله فيه محسنًا، وإنَّما نهاه عن الاختلاف المؤدِّي إلى الهلاك بالفُرقة في الدِّين.
          5062- وحديث النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً سَمِعَ النَّبِيَّ صلعم يَقْرَأُ خِلاَفَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فَقَالَ: (كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ فَاقْرَأَا، أَكْثَرُ عِلْمِي قَالَ: فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَأَهْلَكَهُمْ اللهُ).
          وقد سلف في أوَّل الخصومات [خ¦2410].
          قَالَ ابن الجَوْزيِّ: كان اختلاف الصَّحابة يقع في القراءات واللُّغات، فأُمروا بالقيام عند الاختلاف لئلَّا يجحد أحدُهم ما يقرؤه الآخر فيكون جاحدًا لِما أنزل اللهُ.
          آخر فضائل القرآن وللهِ الحمد والمنَّة.