التوضيح لشرح الجامع البخاري

فضل سورة الفتح

          ░12▒ (بَابُ: فَضْلِ سُورَةِ الفَتْحِ).
          5012- ذكر فيه حديثَ زيد بن أسلم عن أبيه السَّالف في سورة الفتح مِنَ التَّفسير [خ¦4833].
          وقد سلف أنَّ معنى (نَزَرْتَ): أَلححْت، وأنَّه رُوي بالتَّشديد، والمعروفُ التَّخفيفُ، وفيه حديثُ عائشة ♦: ((وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنَّ تَنْزُرُوا رَسُولَ اللهِ صلعم عَلَى الصَّلَاةِ)) أي تلحُّوا عليه فيها.
          وقول عمر: (فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي...) إلى آخره، أن أسلمَ رواه عن عمرَ، ولا شكَّ فيه.
          وقوله: (فَمَا نَشِبْتُ) أي لبثت.
          فصلٌ: فإن قلتَ: فما معنى قوله ◙: (لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) مع خساسة قدر الدُّنيا عندَه وضِعة منزلتها؟ قلتُ: له وجهان، أحدهما: أنَّ المراد بما ذكر أنَّها أحبُّ إليه مِنْ كلِّ شيءٍ، لا شيءَ إلَّا الدُّنيا والأُخرى، فأخرج عن ذكر الشَّيء بذكر الدُّنيا، إذ لا شيء سواها إلَّا الآخرة.
          ثانيهما: أنَّه خاطب بذلك على ما جرى في الاستعمال في المخاطبة مِنْ قولهم إذا أراد أحدُهم الخبر عن نهاية محبَّتِه الشَّيءَ: هو أحبُّ إليَّ مِنَ الدُّنيا وما أعدل به مِنَ الدُّنيا شيئًا، كما قَالَ تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق:15]، ومعنى ذلك لنُذِلَّنَّه بذلك فخاطبهم بما يتعارفونه.