التوضيح لشرح الجامع البخاري

فضل الكهف

          ░11▒ (بَابُ: فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ).
          5011- ذكر فيه حديثَ البَرَاءِ ☺ قَالَ: (كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفَ وَإِلَى جَانِبهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلعم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ).
          هذا الحديث سلف [خ¦3614].
          والحِصَانُ الفحلُ مِنَ الخيل، وَقَالَ ابن التِّينِ: هو بكسر الحاء الفَرسُ العتيق، قيل: سُمِّي بذلك لأنَّه ضُنَّ بمائه فلم يُنْزَ إلَّا على كريمةٍ، ثُمَّ كثر ذلك حتَّى سمَّوا كلَّ ذكرٍ مِنَ الخيل حصانًا، والشَّطَنُ الحبلُ، وقيل: هو الطَّويل، وفي مسلمٍ أيضًا: فجعلَتْ تدنو وتدنو.
          وروى الثَّوْريُّ عن أبي هاشمٍ الواسطيِّ عن أبي مِجْلَزٍ عن قيس بن عُباد عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ قَالَ: مَنْ قرأ سورةَ الكهف كما أُنزلت ثُمَّ أدرك الدَّجَّال لم يُسلَّط عليه، ومَنْ قرأ خاتمة سورة الكهف أضاء نورُه مِنْ حيث قرأها كما بينه وبين مكَّة، وقال قتادة: مَنْ قرأ عشر آياتٍ مِنْ أوَّل سورة الكهف عُصِمَ مِنَ الدَّجال.
          فصلٌ: اختلف أهل التَّأويل في تفسير السَّكِينَة، فعن عليٍّ: هي ريحٌ هفَّافةٌ لها وجهٌ كوجه الإنسان، وعنه أنَّها ريحٌ خَجُوجٌ ولها رأسانِ، وعن مجاهدٍ: لها رأسٌ كرأس الهرِّ وجناحان وذنبٌ كذنب الهرِّ، وعن العبَّاس والرَّبيع: هي دابَّةٌ مثل الهرِّ لعينيها شعاعٌ فإذا التقى الجمعان أخرجت بكرتها فنظرت إليهم فينهزم ذلك الجيش مِنَ الرُّعب، وعن ابن عبَّاسٍ والسُّدِّيِّ: هي طستٌ مِنْ ذهبٍ مِنَ الجنَّة يغسل فيها قلوب الأنبياء، وعن أبي مالكٍ طستٌ مِنْ ذهبٍ ألقى فيه موسى الألواح والتَّوراة والعصاة، وعن وَهْبٍ: رُوحٌ مِنَ اللهِ تتكلَّم إذا اختلفوا في شيءٍ بيَّن لهم ما يريدوا، وعن الضَّحَّاك: الرَّحمة، وعن عَطاءٍ: ما تعرفون مِنَ الآيات فتسكنون إليها، وهو اختيار الطَّبَريِّ.
          وتَنَزُّل السَّكينة لسماع القرآن يدلُّ على خلاف قول السُّدِّيِّ أنَّها طستٌ مِنْ ذهبٍ، ويشهد لصحَّة قولِ مَنْ قَالَ إنَّها رُوحٌ أو شيءٌ فيه روحٌ.
          فصلٌ: جاء في «مستدرك الحاكم» مِنْ حديث أبي سعيدٍ الخُدْريِّ مرفوعًا: ((مَنْ قرأ سورةَ الكهف في يوم الجمعة أضاءَ له مِنَ النُّور ما بين الجمعتين))، ثُمَّ قَالَ: صحيح، قلت: فيه نُعَيْم بن حمَّادٍ وقد أخرج له البُخاريُّ ووثَّقه أحمد وجماعةٌ، وتكلَّم فيه غيرهم، وفي رواية / البَيْهَقيِّ: ((أضاء له مِنَ النُّور ما بينه وبين البيتِ العتيق))، قَالَ: ورُوي موقوفًا، وعنه أيضًا: ((مَنْ قرأ سورة الكهف ليلةَ الجمعة أضاء له مِنَ النُّور فيما بينه وبين البيت العتيق)) رواه الدَّارِميُّ مِنْ حديث أبي مِجْلَزٍ عن قيس بن عُبادٍ عن أبي سعيدٍ، وفي الباب عن ابن عمرَ أيضًا مرفوعًا، قَالَ ابن التِّينِ: ويُقال: إنَّها حِرزٌ لقائلها مِنَ الجمعة إلى الجمعة إذا لم يفرِّق بين تلاوتها.