عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث أبي هريرة: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة.
  
              

          6588- (ص) حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي».
          (ش) (عُبَيْدُ اللهِ) هو ابن عمر العُمَريُّ، و(خُبَيْبٌ) بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة وفتح الباء المُوَحَّدة الأولى، ابن عبد الرَّحْمَن، أبو الحارث، الأنصاريُّ، خال عُبيد الله المذكور، و(حَفْصُ بْنُ عَاصِمٍ) ابن عُمَر بن الخَطَّاب ☺ ، وهو جدُّ عُبيد الله المذكور.
          والحديث مضى في آخر (الصلاة) وفي آخر (الحجِّ) عن مُسَدَّدٍ عن يحيى بن سعيد، وأخرجه مسلم في (الحجِّ) عن زهير بن حَرْب وغيره.
          قوله: (وَمِنْبَرِي) قالوا: المراد منبرُه بعينه الذي كان في الدنيا، وقيل: إنَّ له هناك منبرًا على حوضِه، يدعو الناس عليه إلى الحوض.
          قوله: (رَوْضَةٌ) معناها: أنَّ ذلك الموضع بعينه يُنْقَل إلى الجنَّة فهو حقيقتُه، أو أنَّ العبادة فيه تؤدِّي إلى روضة الجنَّة، فهو مجازٌ باعتبار المآل؛ أي: مآل العبادة فيه الجنَّة، أو تشبيه؛ أي: هو كروضة، وسمَّى تلك البقعة المباركة (رَوضة) لأنَّ زوَّارَ قبره مِنَ الملائكة والإنس والجنِّ لم يزالوا مُكِبِّين فيها على ذكر الله تعالى، وقال الخَطَّابيُّ: معناه تفضيل المدينة، والترغيب في المقام بها، والاستكثار مِن ذكر الله في مسجدها، وأنَّ مَن لزِمَ الطاعة فيه آلت به إلى روضة الجنَّة، ومَن لزم العبادة عند المنبر سُقِيَ يوم القيامة من الحوض.