عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الصبر عن محارم الله
  
              

          ░20▒ (ص) بَابُ الصَّبْرِ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان الاجتهاد في الصبر عن محارم الله؛ أي: محرَّماته، قاله الكَرْمانيُّ.
          قُلْت: (المَحَارِم) جمع (مَحْرَمَة) بفتح الميمين، وجاء بِضَمِّ الراء أيضًا، قال الجَوْهَريُّ: الحُرمة: ما لا يحلُّ انتهاكُه، وكذلك «المحرَُمة» بفتح الراء وضمِّها، و(الصَّبْر) حَبْسُ النفس، وتارةً يُسْتَعمل بكلمة (عن) كما في المعاصي، يقال: صبر عن الزنى، وتارةً بكلمة (على) كما في الطاعات، يقال: صبر عَلَى الصلاة، ونحو ذلك.
          (ص) وَقَوْلِهِ ╡ : {إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر:10].
          (ش) (وَقَوْلِهِ) بالجرِّ عطفًا على قوله: (الصبر عن محارم الله)، هذا في رواية أبي ذرٍّ هكذا بلفظ: (قوله)، وليس في رواية غيره لفظ: (قوله)، وفي بعض النُّسَخ: <وقوله ╡ > وهذا أحسن، ولفظ: ({الصَّابِرُونَ}) يحتمل أن يُسْتَعمل بـ(عن) وبـ(على) لما ذكرنا آنفًا: أنَّ استعماله بالوجهين، وأراد بقوله: ({بِغَيْرِ حِسَابٍ}) المبالغة بالنسبة إلينا.
          (ص) وَقَالَ عُمَرُ ☺ : وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ.
          (ش) أي: قال عُمَر بن الخَطَّاب ☺ .
          قوله: (بِالصَّبْرِ) كذا هو بالباء المُوَحَّدة، وفي رواية الكُشْميهَنيِّ بحذف الباء، فيكون منصوبًا بنزع الخافض، وقال بعضهم: والأصل: «في الصبر» والباء بمعنى «في».
          قُلْت: لا يحتاج إلى هذا، والباء على حالها للإلصاق؛ أي: وجدناه ملتصقًا بالصبر، ويجوز / أن تكون للاستعانة.
          وهذا الأثرُ رواه أحمدُ في كتاب «الزُّهد» بسندٍ صحيحٍ عن مجاهدٍ قال عمر ☺ : وجدنا خيرَ عيشنا الصبرَ.