عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم
  
              

          6576- (ح) وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَلَيَرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيَخْتَلِجُنَّ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ».
          (ش) مُطَابَقَتُهُ للتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وفي أحاديث الباب كلُّها ذكرُ الحوض ما عدا حديث أبي هُرَيْرَة الذي روى عنه عطاء بن يسار على ما يجيء إن شاء الله تعالى، فلا يحتاج عند ذكرها ذكر وجه المطابقة.
          وأخرجه مِن طريقين؛ الأَوَّل: عن (يَحْيَى بْنِ حمَّادٍ) الشَّيْبَانيِّ البَصريٍّ، عن (أَبِي عَوَانَة) الوضَّاح، عن (سُلَيْمَان) الأَعْمَش، عن (شَقِيْق) بن سلمة، عن (عَبْدِ الله) ابن مسعودٍ.
          الثاني: عن (عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ) ابن بحر، أبي حفص الباهليِّ البَصريِّ الصيرفيِّ، وهو شيخ مسلم أيضًا، عن (مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَر) عن (شُعْبَةَ)، عن (المُغِيْرَة) ابن مقسم، الضَّبِّيِّ، عن (أَبِي وَائِلٍ) هو شقيق المذكور عن عبد الله.
          والحديث أخرجه البُخَاريُّ أيضًا في (الفتن) عن موسى بن إسماعيل، وأخرجه مسلم في (فضائل النَّبِيِّ صلعم ) عن عثمان ابن أبي شَيْبَةَ وغيره.
          قوله: (أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ) (الفَرَط) بفتح الفاء والراء، الذي يتقدَّم الواردين ليصلح لهم الحياض والدلاء ونحوها، يقال: فرطت القوم؛ إذا تقدَّمتَهم لترتاد لهم الماء وتهيِّئ لهم، وفيه بشارة لهذه الأمَّة، فهنيئًا لِمَن كان رسول الله صلعم فَرَطه!
          قوله: (لَيُرْفَعَنَّ) على صيغة المجهول؛ أي: يُظهِرهم لي حَتَّى أراهم.
          قوله: (لَيُخْتَلَجُنَّ) بلفظ المجهول أيضًا؛ أي: يُعدَل بهم عن الحوض ويُجذَبون مِن عندي، قال الكَرْمانيُّ: وهم إمَّا المرتدُّون وإمَّا العُصاة.
          (ص) تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَقَالَ حُصَيْنٌ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلعم .
          (ش) أي: تابع سليمان الأَعْمَش (عَاصِمُ) بْنُ أَبِي النجود، قارئ الكوفة، في روايته عن (أَبِي وَائِلٍ) المذكور، عن عبد الله بن مسعود، ووصله الحارث بن أبي أسامة في «مسنده»: مِن طريق سفيان الثَّوْريِّ عَن عاصمٍ.
          قوله: (وَقَالَ حُصَيْنٌ) مصغَّر (حِصْن) ابن عبد الرَّحْمَن: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ) يعني: خالف حُصَينٌ سليمانَ الأَعْمَش وعاصمًا، فقال: عَن أبي وائل عَن حذيفة، ووصل هذه المتابعة مسلمٌ مِن طريق حصين.