عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

معلق أبي هريرة: يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلون
  
              

          6585- (ص) وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّـِبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ النَّبيَّ صلعم قَالَ: «يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِي فَيُحَلَّؤُونَ عَنِ الْحَوْضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ؛ أَصْحَابِي، فَيَقَالُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى».
          (ش) هذا تعليقٌ عن (أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ) بفتح الشين المُعْجَمة وكسر الباء المُوَحَّدة الأولى، (ابْنُ سَعِيْدٍ الْحَبَطِيِّ) بفتح الحاء المُهْمَلة وكسر الباء المُوَحَّدة وبالطاء المُهْمَلة، يُنسَب إلى الحَبِطات مِن تميم، وهو الحارث بن عَمْرو بن تميم بن مُرٍّ، والحارث هو الحَبِط وولدُه، يقال لهما: الحَبِطات، وأحمدُ هذا يروي عن (أَبِيْهِ) شَبيب بن سعيد، عن (يُوْنُسَ) ابن يزيد، عن مُحَمَّد بن مسلم (ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهْريِّ.
          ووصل هذا التعليق أبو عَوَانَة، عن أبي زُرْعَةَ الرازيِّ وأبي الحسن الميمونيِّ قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن شَبيب به.
          قوله: (يَرِدُ عَلَيَّ) بتشديد الياء.
          قوله: (رَهْطٌ) قد مرَّ غير مَرَّة أنَّ (الرَّهط) مِنَ الرجال ما دون العشرة، وقيل: إلى الأربعين، ولا يكون فيهم امرأة، ولا واحد له مِن لفظه، ويجمع على (أَرْهُط) و(أَرْهاط) و(أراهِط) جمع الجمع.
          قوله: (فَيُحَلَّؤُونَ) مِنَ التحلِئة، بالحاء المُهْمَلة وتشديد اللَّام بعدها همزة مضمومة، على صيغة المجهول؛ أي: يمنعون ويطردون، يقال: حَلَّأه عنِ الماء؛ إذا طَرَده ومَنَعه منه، هذا هكذا في رواية الكُشْميهَنيِّ، ويروى: <فيُجْلَون> على صيغة المجهول أيضًا بالجيم الساكنة وفتح اللَّام؛ أي: يُصرَفون.
          قوله: (عَلَى أَدْبَارِهِمْ) ويروى: <على أعقابهم>.
          قوله: (الْقَهْقَرَى) هو الرجوع إلى خلف، فإذا قُلْت: رجعتُ القهقرى؛ فكأنَّك قُلْت: رجعتُ الرجوع الذي يُعرَف بهذا الاسم؛ لأنَّ القهقرى ضربٌ مِنَ الرجوع، وقال ابن الأثير: «القهقرى» مصدرٌ، فيكون منصوبًا على المصدريَّة مِن غير لفظه؛ كما في قولك: قعدت جُلوسًا.