إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نعم عذاب القبر

          1372- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ) هو لقبُ عبد الله بن عثمان بن جَبَلة قال: (أَخْبَرَنِي (1)) بالإفراد (أَبِي) عثمان (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاج قال: (سَمِعْتُ الأَشْعَثَ) بالمثلَّثة في(2) آخره (عَنْ أَبِيهِ) أبي الشَّعثاء _بالمدِّ_ سليم بن أسود(3) المحاربيِّ، وفي رواية أبي داود الطَّيالسيِّ: عن شعبة عن أشعث سمعت أبي (عَنْ مَسْرُوقٍ) هو ابن الأجدع (عَنْ عَائِشَةَ ♦ : أَنَّ يَهُودِيَّةً) قال الحافظ(4) ابن حجرٍ: لم أقف على اسمها (دَخَلَتْ عَلَيْهَا) أي: على عائشة (فَذَكَرَتْ عَذَابَ القَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ) ♦ (رَسُولَ اللهِ صلعم عَنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَقَالَ: نَعَمْ؛ عَذَابُ القَبْرِ) بحذف الخبر، أي: حقٌّ أو ثابتٌ، وللحَمُّويي والمُستملي: ”عذاب القبر حقٌّ“ بإثبات الخبر، لكن قال / الحافظ ابن حجرٍ: ليس بجيِّدٍ؛ لأنَّ المصنِّف قال عقب هذه الطَّريق: ”زاد غندرٌ: عذابُ القبر حقٌّ“ فتبيَّن أنَّ لفظة «حقٌّ» ليست في رواية عَبْدان عن أبيه عن شعبة، وأنَّها ثابتةٌ في رواية غُنْدرٍ _يعني: عن شعبة_ وهو كذلك، وقد أخرج طريقَ غندرٍ النَّسائيُّ والإسماعيليُّ كذلك، وكذا أخرجه أبو داود الطَّيالسيُّ في «مسنده» عن شعبة. انتهى. وتعقَّبه العينيُّ بأنَّ قوله: ”زاد غندر: عذابُ القبر حقٌّ“ ليس بموجودٍ في كثيرٍ من النُّسخ، ولَئِن سلَّمنا وجود هذا؛ فلا نسلِّم أنَّه يستلزم حذف الخبر مع أنَّ الأصل ذكرُ الخبر، وكيف ينفي الجودة من رواية المُستملي مع كونها على الأصل؟ فماذا يلزم من المحذور إذا ذُكِرَ الخبر في الرِّوايات كلِّها؟ انتهى. فليتأمَّل (قَالَتْ عَائِشَةُ ♦ : فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم بَعْدُ) مبنيٌّ على الضَّمِّ، أي: بعدَ سؤالي إيَّاه (صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ) فيها (مِنْ عَذَابِ القَبْرِ) وزاد في رواية أبي ذرٍّ هنا قوله: ”وزاد غندرٌ: عذابُ القبر حقٌّ“ ، ففي هذا الحديث: أنَّه أقرَّ اليهوديَّة على أنَّ عذاب القبر حقٌّ، وفي حديثَي(5) أحمدَ ومسلمٍ السَّابقين أنَّه أنكره حيث قال: «كذب يهود، لا عذاب دون(6) يوم القيامة، وإنَّما تُفتَن اليهود»، فبين الرِّوايتين مخالفةٌ، لكن قال النَّوويُّ كالطَّحاويِّ وغيره: قضيَّتان، فأنكر صلعم قول اليهوديَّة في الأولى، ثمَّ أُعلِم بذلك ولم يُعلِم(7)‼ عائشة، فجاءت اليهوديَّة مرَّةً أخرى، فذكرت لها ذلك، فأنكرتْ عليها مستندةً إلى الإنكار الأوَّل، فأعلمها ╕ بأنَّ الوحي نزل بإثباته. انتهى. وفيه إرشادٌ لأمَّته ودلالةٌ على أنَّ عذاب القبر ليس خاصًّا بهذه الأمَّة، بخلاف المسألة(8) ففيها خلافٌ، يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى [خ¦1374].


[1] في (د): «حدَّثني».
[2] «في»: ليس في (د).
[3] في (د): «الأسود».
[4] «الحافظ»: ليس في (ب) و(س).
[5] في (م) و(ص): «حديث».
[6] زيد في (ب) و(س): «عذاب».
[7] في (د): «تعلم».
[8] في (ص) و(م) و(ج): «المسائلة».