إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أتاني آت من ربي فأخبرني أنه من مات من أمتي

          1237- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) المنقريُّ التَّبوذكيُّ قال: (حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ) بفتح الميم فيهما، الأزديُّ قال: (حَدَّثَنَا وَاصِلٌ) هو ابن حَيَّان، بفتح المهملة وتشديد المثنَّاة التَّحتيَّة (الأَحْدَبُ، عَنِ المَعْرُورِ) بفتح الميم وإسكان العين المهملة وبالرَّاء المكرَّرة (ابْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ) جندب بن جنادة ( ☺ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : أَتَانِي) في المنام (آتٍ) هو(1) جبريل (مِنْ رَبِّي، فَأَخْبَرَنِي _أَوْ قَالَ: بَشَّرَنِي_) جزم في «التَّوحيد» بقوله: «فبشَّرني» [خ¦7487] (أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي) أمَّة الإجابة، أو أمَّة الدَّعوة (لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ) نفي الشِّرك يستلزم إثبات التَّوحيد، قال أبو ذَرٍّ: (قُلْتُ) لأبي الوقت في نسخةٍ ولأبي ذَرٍّ(2): ”فقلت: أيدخل الجنَّة؟“ (وَإِنْ زَنَىَ وإنْ سَرَقَ؟) وللتِّرمذيِّ: «قال أبو ذَرٍّ: يا رسول الله» وجملة الشَّرط في محلِّ نصبٍ على الحال (قال: وإنْ زَنَىَ وإنْ سَرقَ) يدخل الجنَّة. لا يقال: مفهوم الشَّرط أنَّه إذا لم يَزْنِ ولم يسرق، لا يدخل الجنَّة(3)، إذ انتفاء الشَّرط يستلزم انتفاء المشروط؛ لأنَّه على حدِّ: «نعم العبد صهيبٌ، لو لم يخَفِ الله لم يعصه»، فمن لم يزْنِ ولم(4) يسرق أَولى بالدُّخول ممَّن زنى وسرق، واقتصر من(5) الكبائر على نوعين؛ لأنَّ الحقَّ إمَّا لله، أو للعباد، فأشار بالزِّنا إلى حقِّ الله، وبالسَّرقة إلى حقِّ العباد، لكنَّ الَّذي استقرَّت عليه قواعد الشَّرع أنَّ حقوق الآدميِّين لا تسقط بمجرَّد الموت على الإيمان، نعم، لا يلزم من عدم سقوطها ألَّا يتكفَّل الله بها عمَّن يريد أن يدخله(6) الجنَّة، ومن ثمَّ ردَّ صلعم على أبي ذرٍّ استبعاده، أو المراد بقوله: «دخل الجنة»(7) أي: صار إليها إمَّا ابتداءً من أوَّل الحال، وإمَّا بعد أن يقع ما يقع من العذاب، نسأل الله العفو والعافية، وفي الحديث دليلٌ على أنَّ الكبائر لا تسلُبُ اسم الإيمان، فإنَّ من ليس بمؤمنٍ لا يدخل الجنَّة وفاقًا، وأنَّها لا تحبط الطَّاعات.


[1] «هو»: ليس في (ص) و(م).
[2] «ولأبي ذرٍّ»: مثبتٌ من (د) و(س).
[3] «الجنَّة»: مثبتٌ من (م).
[4] في (ب): «لا».
[5] زيد في (د) و(س): «بعض»، وليس بصحيحٍ.
[6] في (د): «يدخل».
[7] «الجنَّة»: سقط من (ب) و(د).