إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول حق

          1371- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) هو ابن أبي شيبة قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ قَالَتْ) تَرُدُّ رواية ابن عمر [خ¦1370]: «ما أنتم بأسمعَ منهم» (إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صلعم : إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الآنَ: أَنَّ(1) مَا كُنْتُ أَقُولُ حَقٌّ) ولأبوي الوقت وذَرٍّ: «أنَّ ما كنت أقول لهم حقٌّ»، ثمَّ استدلَّت لِمَا نفتْه بقولها: (وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل:80]) قالوا: ولا دلالةَ فيها على ما نفته، بل لا منافاة بين قوله ╕ : «إنَّهم الآن يسمعون(2)» وبين الآية؛ لأنَّ الإسماع هو إبلاغ الصَّوت من المسمِع في أذن السَّامع، فالله(3) تعالى هو الَّذي أسمعهم بأن أبلغ(4) صوت نبيِّه صلعم بذلك، وقد قال المفسِّرون‼: إنَّ الآية مَثَلٌ ضربه(5) الله للكفَّار، أي: فكما أنَّك لا تُسمِع الموتى، فكذلك لا تُفقِه(6) كفَّار مكَّة؛ لأنَّهم كالموتى في عدم الانتفاع بما يسمعون، وقد خالف الجمهورُ(7) عائشةَ في ذلك، وقَبِلوا حديث ابن عمر [خ¦1370] لموافقة مَن رواه غيره عليه، ولا مانع أنَّه صلعم قال اللَّفظين معًا، ولم تحفظ عائشة إلَّا أحدهما، وحفظ غيرها سماعهم بعد إحيائهم، وإذا جاز أن يكونوا عالمين؛ جاز أن يكونوا سامعين، إما(8) بآذانِ رؤوسِهم؛ كما هو قول الجمهور، أو بآذانِ الرُّوح فقط، والمعتمد قول الجمهور؛ لأنَّه لو كان العذاب على الرُّوح فقط، لم يكن للقبر بذلك اختصاصٌ(9)، وقد قال قتادة؛ كما عند المؤلِّف في «غزوة بدرٍ»: «أحياهم الله تعالى حتَّى أسمعهم توبيخًا أو نقمةً» [خ¦3976].


[1] «أن»: ليس في (د).
[2] في (ص): «ليسمعون».
[3] في (د): «فإنَّ الله».
[4] في (د): «أبلغهم».
[5] في (د): «ضرب».
[6] في (د): «تسمعه».
[7] زيد في (د): «حديث».
[8] زيد في (د): «هو».
[9] قوله: «والمعتمد قول الجمهور؛... لم يكن للقبر بذلك اختصاصٌ»، سقط من (د) و(ص) و(م).