إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: رثى النبي سعد بن خولة

          ░36▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين: (رَثَى(1) النَّبِيُّ صلعم ) بفتح الرَّاء مع القصر بلفظ الماضي، ورفع «النَّبيُّ» على الفاعليَّة، ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: ”باب رثاء النَّبيِّ صلعم “ بإضافة «باب» لتاليه، وكسرِ راء «رِثاء»، وتخفيفِ المثلَّثة، والمدِّ، وخفضِ تاليه بالإضافة (سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ) بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو، نصبٌ على المفعوليَّة، والمراد هنا: توجُّعه ╕ وتحزُّنه على سعدٍ، لكونه مات بمكَّة بعد الهجرة منها(2)، لا مدح الميِّت وذكر محاسنه، الباعث على تهييج الحزن، وتجديد اللَّوعة، إذ الأوَّل مباحٌ، بخلاف الثَّاني، فإنَّه منهيٌّ عنه، وقد أطلق الجوهريُّ الرِّثاء على عدِّ محاسن الميِّت مع البكاء، وعلى نظم الشِّعر فيه، والأَوجه: حمْل النَّهي على ما فيه تهييج الحزن _كما مرَّ_ أو على ما يظهر فيه تبرُّمٌ، أو على فعله مع الاجتماع / له، أو على الإكثار منه دون ما عدا ذلك، فما زال كثيرٌ من الصَّحابة وغيرهم من العلماء يفعلونه، وقد قالت فاطمة بنت النَّبيِّ صلعم فيه(3):
ماذا على من شمَّ تربة أحمد                     ألَّا يشم مدى الزَّمان غواليا
صُبَّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنَّها                     صُبَّت على الأيَّام عُدْن لياليا


[1] في (ص) و(م): «رثاء».
[2] في غير (ب) و(س): «فيها»، وهو تحريفٌ.
[3] «فيه»: ليس في (س).