إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة

          ░41▒ (باب مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ) حلول (المُصِيبَةِ) فترك ما أُبيح له من إظهاره قهرًا للنَّفس بالصَّبر الَّذي هو خيرٌ، قال الله تعالى: {وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ}[النحل:126] و«يُظهِر» بضمِّ أوَّله من الرُّباعي، و«حزنَه» نصبٌ على المفعوليَّة (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ) حليف الأوس: (الجَزَعُ: القَوْلُ السَّيِّئُ) أي: الَّذي يبعث الحزن غالبًا (وَالظَّنُّ السَّيِّئُ) هو اليأس من تعويض الله المصاب في العاجل ما هو أنفع له من الفائت(1)، أو الاستبعاد لحصول ما وعد به من الثَّواب على الصَّبر، ومناسبة هذا لما تُرجم له من حيث المقابلة _وهي ذكر الشيء وما يضادُّه معه_ وذلك: أنَّ ترك إظهار الحزن من القول الحسن والظَّنِّ الحسن، وإظهاره مع الجزع الَّذي يؤدَّيه إلى ما حظره الشَّارع قولٌ سيِّئٌ وظنٌّ سيِّئٌ (وَقَالَ يَعْقُوبُ ◙ : {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي}) هو أصعب همٍّ لا يصبر صاحبه على كتمانه، فيبثُّه وينشره للنَّاس ({وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ}[يوسف:86]) لا إلى غيره، ومناسبته للتَّرجمة من جهة أنَّه لما ابتُلِي صبر، ولم يَشْكِ إلى أحدٍ، ولا بثَّ حزنه إلَّا إلى الله(2) تعالى.


[1] في (م): «الغائب».
[2] في (د): «إلَّا لله».