إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا كان يوم القيامة جعل الله السموات على إصبع

          7513- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) أبو الحسن العبسيُّ مولاهم الكوفيُّ الحافظ قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) هو ابن عبد الحميد (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابن المعتمر (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ عَبِيدَةَ) بفتح العين، السَّلمانيِّ (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعودٍ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ اليَهُودِ فَقَالَ) وللأَصيليِّ: ”إلى النَّبيِّ صلعم فقال“: (إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمَ القِيَامَةِ جَعَلَ اللهُ) ╡ (السَّمَوَاتِ) السَّبع (عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ) السَّبع (عَلَى إِصْبَعٍ، وَالمَاءَ وَالثَّرَى) بالمثلَّثة (عَلَى إِصْبَعٍ، وَالخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ) أي: يحرِّكهن إشارةً إلى حقارتهنَّ؛ إذ لا يثقل عليه إمساكها ولا تحريكها (ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ أَنَا المَلِكُ) مرَّتين (فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلعم يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ) ظهرت (نَوَاجِذُهُ) بالذَّال المعجمة، أنيابه التي تبدو عند الضَّحك (تَعَجُّبًا) من قول الحبر (وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلعم : {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {يُشْرِكُونَ}[الزمر:67]) والتَّعبير بالإصبع والضَّحك من المتشابهات كما سبق، فيتأوَّل على نوعٍ من المجاز، وضربٍ من التَّمثيل ممَّا جرت(1) عادة الكلام بين النَّاس في عرف تخاطبهم، فيكون المعنى إنَّ قدرته تعالى على طيِّها وسهولة الأمر في جمعها بمنزلة من جمع شيئًا في كفِّه فاستخفَّ حمله، فلم يشتمل عليه بجميع كفِّه، بل أقلَّه ببعض أصابعه، وقد يقول الإنسان في الأمر الشَّاقِّ(2) إذا أُضيف إلى القويِّ: إنَّه يأتي عليه بإِصبعٍ أو إنَّه يقلُّه بخنصره، والظَّاهر أنَّ هذا _كما مرَّ_ من تخليط اليهود وتحريفهم، وأنَّ ضحكه صلعم ‼ إنَّما كان على وجه(3) التَّعجُّب والنَّكير(4) له، والعلم عند الله، قاله الخطَّابيُّ فيما(5) نقله عنه في «الفتح» ومطابقة الحديث في قوله: «ثمَّ يقول: أنا الملك، أنا الملك».
          وسبق في «باب قوله(6) تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص:75[خ¦7414].


[1] زيد في (ب): «به».
[2] في (ب): «الثَّاني»، وهو تحريفٌ.
[3] في (د): «معنى».
[4] في (د): «والتَّنكُّر».
[5] في (د): «ممَّا».
[6] في (د): «قول الله».