التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح

          ░48▒ بَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ
          7047- ذَكَرَ فيه حديثَ أَبِي رَجَاءٍ عِمْرَانَ بْنِ مِلْحَانَ _ويُقال: ابنِ تَيْمٍ_العُطَاردِيُّ، حَدَّثَنَا سَمُرةُ بْنُ جُنْدُبٍ ☺، فَذَكَرَ حديثًا طويلًا، وسَلَفَ بعضُه في الجنائزِ وغيرِه، وترجَمَ عليه في الجنائزِ: بابٌ، فقط [خ¦1381] وقَبْلَهُ بابُ ما قيل في أولادِ المشركين.
          ومِن فوائدِه أنَّه حُجَّةٌ لمن قال: إنَّ أطفالَ المشركينَ في الجنَّةِ كأطفالِ المسلمين، وقد اختلف العلماء فيه وأسلفناه هناك.
          ومعنى التَّرجمةِ _كما نبَّه عليه المُهَلَّبُ_ في سؤالِه عن الرُّؤيا عند صلاةِ الصُّبْحِ أنَّه أَوْلَى مِن غيرِه مِن الأوقات؛ لِحفْظِ صاحبِه لها وقُرْبِ عهدِه بها وأنَّ النِّسيانَ قلَّما يَعْرِضُ عليه فيها ولجِمَامِ ذهنِ العابِرِ وقِلَّةِ ابتدائِه بالفِكْرَةِ في أخبارِ مَعَاشِه، ومداخلَتِه للنَّاسِ في شُعَبِ دنياهم؛ ولِيعرِفَ النَّاسُ ما يَعْرِضُ لهم في يومِهم ذلك فيستبِشْرونَ بالخيرِ ويحذَرُون موارِدَ الشَّرِّ ويتأهَّبُون لِوُرُودِ الأسبابِ السَّماوِيَّةِ عليهم، فربَّما كانتِ الرُّؤيا تحذيرًا عن معصيةٍ لا تقعُ إنْ حُذِّرَتْ، وربَّما كانت إنذارًا بما لا بدَّ مِن وقوعِه، فهذِه كلُّها فوائدُ، وربَّما كانتِ البُشْرى بالخير سببًا لِسامعِها إلى الازديادِ منه وقَوِيَتْ فيه نِيَّتُهُ وانشرحتْ له نفْسُهُ وتسبَّبَ إليه.
          فَصْلٌ في غَرِيبهِ وضَبْطِ أَلْفَاظِهِ: قولُه فيه: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي) أي أَرْسَلاني. قال الجَوْهَرِيُّ: بَعَثْتُه وابْتَعَثْتُه بمعنًى، أي أَرْسَلْتُهُ. ومعنى (يُثْلَغُ رَأْسُهُ) يَشْدَخُهُ، ثُلَاثيٌّ، والمثلَّغُ مِن الرُّطَب والتَّمْر ما أسقطَهُ المطَرُ، وقيل: الثَّلْغُ ضَرْبُكَ الرَّطْبَ باليابِسِ حتَّى يَنْشَدِخَ، وقيل: هو كَسْرُ الشَّيءِ الأجوفِ، يُقَال: شَدَخْتُ رأسَهُ فانْشَدَخَ. وقولُه: (يُهْوِي بِالصَّخْرَةِ) هو بِضَمِّ الياء مِن (يُهْوِي) رُبَاعيًّا، مِن قولِهم: أَهْوَيتُ له بالسَّيفِ، أي تناولتُهُ.
          وقولُه: (فَيَتَدَهْدَأُ الحَجَرُ) أي يتَدَحْرَجُ، فَنُزولُ الشَّيءِ تَدَهْدُهُهُ مِن أعلاه إلى أسفلَ. قال الخطَّابيُّ: دَهْدَأَةُ الشَّيءِ دَحْرَجَتُهُ، وتَدَهْدَأَ تَدَحْرَجَ. وفي «الصِّحاح»: دَهْدَهْتُ الحَجَرَ فَتَدَهْدَهَ، أي دَحْرَجْتُهُ فتَدَحْرَجَ، قال: وقد تُبدَلُ مِن الهاء ياءً فيقال: فَتَدَهْدَى الحَجَرُ وغيرُه تَدَهْدِيًا ودَهْدَيْتُهُ أنا، وكذلك أتَى في «المجمل» في بابِ الدَّال مع الهاء. قال ابنُ التِّين: ورُوِّيناه بالهمزِ، وعند أبي ذرٍّ: <فَتَدَهْدَهَ> وفي روايةٍ أخرى: <فَيَتَهَدْهَدُ>.
          والكَلُّوبُ بفتْحِ الكافِ، وفيه لُغةٌ أخرى الكُلَّابُ، والجمْعُ كَلَالِيبُ وهو الْمِنْشَالُ حديدةٌ يُنْشَلُ بها اللَّحم مِن القِدْرِ، وقال الدَّاوُدِيُّ: هو كالسِّكِّين ونحوِها، وقد سَلَفَ بيانُهُ مع الهَدْهَدَةِ في الجنائز، وفي الحديث: ((ما يُدَهْدِهُ الجُعَلُ خيرٌ)) وفي «الصِّحاح» في الَّذين ماتُوا في الجاهليَّةِ هو يَدَحْرِجُهُ السِّرْجِين، وفي الحديثِ الآخَرِ ((كَمَا يُدَهْدِهُ الجُعَلُ)) وشَرْشَرَ قَطَع، مِن كتاب «العين» وشقَّ أيضًا. والشِّدْقُ جانبُ الفَمِ.
          التَّنُّورُ هو الَّذي يُخبَزُ فيه، يُقال إنَّه في جميع اللُّغاتِ كذلك، وقال / عليُّ بن أبي طالبٍ ☺ في قولِه: {وَفَارَ التَّنُّورُ} [هود:40] أي وجهُ الأرضِ، وذُكِرَ عنه أيضًا: وطَلَع الفَجْرُ، كأنَّه يذهبُ إلى تنُّورِ الصُّبح. قال مجاهِدٌ: هو تَنُّور الحافِرَةِ. وقال الدَّاوُدِيّ: التَّنُّور الحَفِيرُ مِن الأرضِ يُوقَدُ فيه، قال: ولعلَّ ذلك التَّنُّورَ على جهنَّم. وفيه دليلٌ أنَّ بعض الأشقياءِ يُعَذَّبُون في البَرْزَخِ وهو ما بين الموتِ والنَّفْخَةِ الأولى.
          واللَّغَطُ صوتٌ وضجَّةٌ لا يُفهَمُ معناها، قال الجَوْهَرِيُّ: اللَّغَطُ _بالتَّحريكِ_ الصَّوتُ والجَلَبَةُ، وقد لَغَطُوا لَغْطًا ولَغَطًا ولُغاطًا. واللَّهَبُ لَهَبُ النَّارِ وهو لِسَانُها، وقال الدَّاوُدِيُّ: هو شِدَّةُ الوَقِيدِ والاشتعالِ.
          وقولُه: (ضَوْضَوْا) أي ضَجُّوا وصَاحُوا، وقال الجَوْهَرِيُّ: هو غيرُ مهموزٍ. أصلُه ضَوْضَوُوْا فاستُثقِلَتِ الضَّمَّةُ على الواوِ فحُذِفَتْ فاجتمَعَ ساكنانِ فحُذِفَتِ الواوُ الأُولَى لاجتماعِ السَّاكِنَين. والضَّوْضَاةُ أصواتُ النَّاسِ وجَلَبَتُهم، وضُبِطَ ضَوْضَؤُوا بالهمْزِ في بعضِ الكُتُبِ. قال القاضي عِيَاضٌ: الضَّوْضَاةُ والضَّوْضَاء ممدودٌ والضَّوَّةُ _على وزن الجنَّة_ ارتفاعُ الأصواتِ والجَلَبَةُ. قال الجَوْهَرِيُّ: يُقال: سمعتُ ضَوَّة القَومِ، والضَّوْضَاةُ أصواتُ النَّاس وجَلَبَتُهُم، يُقَال: ضَوْضَوْا بلا همزٍ، وضَوْضَيْتُ أبدَلُوا مِن الواوِ ياءً، وضَوَيْتُ إليه بالفتْحِ أَضْوِي ضُوِيًّا إذا أويتَ إليه وانضممتَ، وأَضْوَيتُ الأمْرَ إذا أَضْعَفْتَه ولمْ تُحْكِمْهُ، ويُقالُ: بالبعيرِ ضَوَاةٌ أي سِلْعَةٌ، والضَّوَى: الهُزالُ.
          وفَغَرَ فَاهُ يَفْغَرُ إذا فَتَحَهُ، يُقال: فَغَر فَاهُ وفَغَرَ فُوهُ، يتَعَدَّى ولا يتَعَدَّى.
          وقولُه: (فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا) هو بِضَمِّ الياء رُبَاعِيٌّ مَن اللَّقْم.
          وقولُه: (فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ) أصلهُ الْمَرْأَيَةِ تحرَّكتِ الياءُ وانفتحَ ما قبلها فقُلبت ألِفًا، ووزنُهُ مَفْعَلَة بفتح الميم، أي كَرِيهِ المنظَرِ، يُقال: رجلٌ حَسَنُ الْمَرْأَى والْمَرْآةِ، وحَسُنَ في مَرْآةِ العين، والمِرآةُ بِكسْرِ الميم معروفةٌ، نظرْتُ في المِرْآةِ.
          وقولُه: (وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا) أي يُحَرِّكها لِتَتَّقِدَ، يُقال: حَشَشْتُ النَّارَ أَحُشُّها حَشًّا إذا أوقدتُها وجمعْتُ الحَطَبَ إليها، وكلُّ ما قَوِيَ بشيءٍ فقد حُشَّ به، قاله صاحب «العين».
          وقولُه: (فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِن كلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ) أي وافيةُ النَّباتِ، وهي بالعينِ المهمَلَةِ السَّاكنةِ ثمَّ مثنَّاةٍ فوقُ ثمَّ ميمٍ مشدَّدةٍ كذا ضبطْناه، يُقال: اعتمَّ إذا اكتملَ، ونخلةٌ عَمِيمَةٌ طويلةٌ، وكذلك الجَارِيةُ. وقال الدَّاوُدِيُّ: أي غطَّاها الخِصْبُ والكَلَأُ كالعِمَامَةِ على الرَّأسِ. قال ابنُ التِّين: وضبطْنَاُه بِكَسْرِ التَّاءِ وتخفيفِ الميمِ، وما يظهَرُ له وجهٌ.
          وأورَدَهُ ابنُ بطَّالٍ: <مُغِنَّةٍ> فقط، بالغينِ المعجَمَةِ والنُّونِ، ثمَّ قال: قال ابنُ دريدٍ: وادٍ أَغَنُّ ومُغِنٌّ إذا كَثُرَ شَجَرُه، ولا يَعرِفُ الأصْمَعِيُّ إلَّا أَغَنَّ وحدَهُ. وقال صاحبُ «العين»: روضةٌ غنَّاءُ كثيرةُ العُشْبِ والذُّبابِ، وقريةٌ غنَّاءُ كثيرةُ الأهلِ، ووادٍ أَغَنُّ. والنَّوْرُ بِفَتْحِ النُّون نَوْرُ الشَّجَرِ أي زَهْرُهُ، نَوَّرَتِ الشَّجَرَةُ أخرجَتْ نَوْرَها. وقال الدَّاوُدِيُّ: والرَّوضةُ مِن البَقْلِ والعُشْبِ وهي المكان المُشْرِفُ المطمئنُّ الأعلى الخِصْبُ.
          وقولُه: (وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ) أي وَسطَها، قال القزَّار: كلُّ شيءٍ مُتوسِّطٌ بين شيئين فهو بين ظَهْرَانَيْهِ وظَهْرَيْهِ.
          فَصْلٌ آخَرُ منه: قولُه: (فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ) سُمِّيت مدينةً مِن قولِهم: مَدَن بالمكان إذا أقامَ به. وهي فَعِيلةٌ وتُجْمَع على مَدَائِنَ بالهمزِ، وقيل: هي مَفِعْلَةٌ مِن دِنْتُ أي ملكْتُ، فَعَلَى هذا لا يُهمَزُ جمعُها مثل مَعَايش، فإذا نَسَبْتَ إلى مدينةِ الرَّسولِ عليه أفضلُ الصَّلاة والسَّلامِ قلتَ: مَدَنيٌّ. وإلى مدينة مَنْصورٍ قلت: مَدِينيٌّ. وإلى مدينة كِسرى قلت: مَدَائِنيٌّ. للفرقِ بين النَّسَب لئلَّا تَخْتَلِطَ.
          وقولُه: (مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ) هو بفتْحِ اللَّامِ وكسْرِ الباءِ جَمْعُ لَبِنَةٍ كَكَلِمَةٍ وَكَلِم، قال ابنُ السِّكِّيت: ومِن العرب مَن يقول: لِبْنَةٌ وَلِبْنُ مثل لِبْدَةٍ ولِبْد، وهي مِن الطِّين.
          وقولُه: (وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ) الشَّطْرُ النِّصْفُ.
          وقوله: (كَأَنَّ مَاءَهُ المَحْضُ فِي البَيَاضِ) المحض اللَّبنُ والخالصُ مِن كلِّ شيءٍ لم يُخَالِطْهُ الماءُ حُلْوًا كان أو حامضًا، ولا يُسمَّى محضًا إلَّا إذا كان كذلك، كلُّ شيءٍ أَخْلَصْتَهُ فقد مَحَضْتَهُ، وقال الدَّاوُدِيُّ: المحضُ الشَّدِيدُ البياضِ، وقال صاحبُ «العين»: المحضُ اللَّبنُ الخالِصُ بلا رَغوةٍ، وكلُّ شيءٍ خالصٍ فهو محضٌ.
          وقولُه: (جَنَّةِ عَدْنٍ) أي إقامة، ومنه سُمِّي المَعْدِنُ لِعُدُونِ ما فيه ولإقامةِ النَّاسِ عليه شتاءً وصيفًا. وكذا ضبَطَهُ الدِّمْياطِيُّ، وقال ابنُ التِّين: ورُوِّيناه أيضًا كذلك وما رأيتُ له وجهًا، وإنَّما هو بضمِّ الصَّادِ وفتْحِ العين والمدِّ، أي ارتفع كثيرًا، ومنه تنفَّسَ الصُّعَدَاءَ أي تنفَّسَ تنفُّسًا ممدودًا.
          وقولُه: (فإِذَا بِقَصْرٍ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ) الرَّبَابَةٌ بالفتْحِ السَّحابةُ التي رَكِب بعضُها بعضًا، قاله الخطَّابيُّ. قال صاحب «العين»: الرَّبَابُ السَّحابُ واحدتُها رَبَابةٌ. واقتصر عليه ابنُ بطَّالٍ، وقال الجَوْهَرِيُّ: الرَّبَابُ بالفتْحِ سحابٌ أبيضُ، ويُقال: إنَّه السَّحاب الذي تراه كأنَّه دونَ السَّحاب، قد يكون أبيضَ وقد يكونُ أسودَ، الواحدةُ رَبَابَةٌ، ومنه سُمِّيتِ المرأةُ الرَّبَابَ. وقال الدَّاوُدِيُّ: الرَّبَابةُ السَّحابةُ البعيدةُ في السَّماء.
          وقولُه: (ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ) أي دَعَاني، وأصْلُه اُذْرَوَانِي، فحُذِفَتِ الواوُ فتحرَّك أوَّلُ الفعْلِ واسْتَغنى عن ألِفِ الوصْلِ، وأصلُ هذا الفعْلِ وَذِرَ مِثْلُ عَلِم، ولكنَّه أُميتَ فلا يُقال: وَذِرَهُ ولا وَاذِرٌ فاسْتُغني عنه بِـ تَرَكَ وتَارِكٌ.
          وقولُه: (أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ فَإنَّه الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيرْفِضُهُ) هو بكسْرِ الفاء، قال ابنُ التِّين: وكذا رُوِّيناه، قال الجَوْهَرِيُّ: الرَّفْضُ التَّرْكُ، يُقال: رَفَضَهُ يَرْفُضُهُ وَيَرْفِضُهُ رَفْضًا وَرَفَضًا، ومنه سُمَّيت فِرْقةٌ مِن الشِّيعةِ الرَّافضةُ بِتَرْكِهِم زيدَ بنَ عَلِيٍّ.
          فَصْلٌ: وقولُه: (وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِيِ فِي الرَّوْضَةِ فَإنَّهُ إِبْرَاهِيمُ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ)، فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَوْلَادُ / الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ: (وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ) ظاهِرُ هذا إلحاقُهم بهم في حُكْمِ الآخِرَةِ، وإنْ كان قد حكَمَ لهم بحُكْمِ آبائِهم في الدُّنيا حيثُ قال في ذَرَاريهِم: ((هُم مِن آبائهم)) وهذا هو المختارُ، وإنْ كان الخطَّابيُّ قال: عامَّةُ المسلمينَ على أنَّهم كآبائِهم، قال تعالى: {وَإِذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8-9] وقال: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وَلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ} [الإنسان:19] قيل في التَّفسير: أطفالُ الكُفَّار، أي لأنَّ اسم الوِلْدانِ مشتقٌّ مِن الوِلادةِ ولا وِلادَةَ في الجنَّةِ. وقيل: كما كانوا سَبْيًا وخَدَمًا للمسلمين في الدُّنيا فكذلك هم في الجنَّةِ.
          واحتجَّ كلُ فريقٍ بحديثٍ واهٍ، وقد قيل في الجمع بين الأحاديث: وإنَّ أصل جميعِها حديثُ: ((اللهُ أعلمُ بما كانوا عامِلِين)) والحديث الَّذي فيه: ((تؤجَّجُ لهم نارٌ مَن اقتحَمَها دخلَ الجنَّةَ ومَن لم يَقْتَحِمْها دَخَلَ النَّارَ، فإذا كانَ مِن أهلِ الجنَّةِ هو فيها خادمٌ لهم، وإلَّا فهو مع أبيهِ في الهاويةِ)) فَتَّتَفِقُ الأحاديثُ ولا تختلِفُ؛ لأنَّ عِلْمَ اللهِ تعالى تَقَدَّمَ كلَّ شيءٍ.
          آخِرُ التَّعبيرِ وللهِ الحَمَدُ