التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة

          ░4▒ بَابٌ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبوَّةِ
          6986- ذكرَ فيه حديثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْهُ وَلْيَبْصُقْ عَنْ شِمَالِهِ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ). وَعَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم مِثْلَهُ.
          6989- وحديثَ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبوَّة).
          6987- وحديثَ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺، عَنْ عُبَادةَ بْنِ الصَّامِتِ ☺ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ، وَقَالَ: (رُؤيا المُسْلم...) إلى آخرِه.
          6988- ورَوَاهُ ثَابِتٌ وَحُمَيدٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَشُعَيْبٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم.
          وحَديثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺: (رُؤْيَا المُؤْمِنِ) مِثْلَهُ.
          الشَّرحُ: سلفَ في البابِ قَبْلَهُ الكلامُ على قولِه: (فَإِذَا حَلَمَ...) إلى آخرِه، وفي «سُنن ابن ماجه»: جاء رجُلٌ إلى رسولِ الله صلعم فقال: إنِّي رأيتُ رأسي ضُرِبَ، فرَأَيْتُه يتَدَهْدَهُ، فقال ◙: ((يعمِدُ الشَّيطانُ إلى أحدِكم فيقولُ له ثمَّ يغدو يخبِرُ النَّاس))، وفي لفظٍ: ((وإذا رأى ما يَكرَهُ فلا يقُصَّها على أحدٍ)) ولابنِ أبي شَيْبَةَ: كأنَّ رأسِي ضُرِبَ بِيَدِي هذِه.
          وحديثُ أبي قَتَادَةَ أخرجه مسلمٌ بلفْظِ: ((فلينفُثْ عن يسارِه ثلاثًا ولْيتعوَّذْ بالله مِن شرِّها فإنَّها لن تضرَّهُ)) وفي لفظٍ: ((فليبصُقْ عن يسارِه حين يَهُبُّ مِن نومِه)) وفي لفظٍ: ((ولْيَتَحَوَّلْ عن جنبِه الَّذي كان عليه)) وفي لفظٍ: ((ولا يُخبِرْ بها أحدًا، فإنْ رأى رؤيا حَسَنَةً فليُبْشِرْ ولا يُخبِرْ بها إلَّا مَن يحبُّ)). ((وإنْ رَأَى ما يكرهُ فَلْيَتْفُلْ عن يسارِه ثلاثًا ولْيتعوَّذ باللهِ مِن شرِّ الشَّيطانِ وشرِّها، ولا يحدِّثْ بها أحدًا؛ فإنَّها لن تضرَّهُ)).
          وفي النَّسائيِّ: ((إذا رَأَى أحدُكم الشَّيءَ يُعجِبُه فليعْرِضْهُ على ذي رأيٍ ناصحٍ، فَلْيُؤوِّلْ خيرًا ولْيَقُلْ خيرًا)) وفي حديث جابرٍ: ((إذا رأى أحدُكُمُ الرُّؤيا يكرَهُهَا فلْيبصُقْ عن يسارِه ولْيستعِذْ بالله مِن الشَّيطانِ ثلاثًا، ولْيتحوَّلْ عن جَنْبهِ الَّذي كان عليه)) وفي لفظٍ: قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ رأيتُ في النَّومِ كأنَّ رأسي ضُرِبَ فَتَدحرجَ فاشتددْتُ في إِثْرِه، فقال ◙: ((لا تحدِّثِ النَّاسَ بِتَلَعُّبِ الشَّيطانِ بكَ في منامِك)) وفي لفظ: قِطَعَ بدل ضُرِبَ، فضحِكَ ◙ وقال: ((إذا لَعِبَ الشَّيطانُ بِأحدِكُمْ فلا يحدِّثْ به النَّاس)).
          قال المازَرِيُّ: يحتمل أن يكون عَلِمَ أنَّ مَنامَه هذا مِن الأضغاثِ بِوَحْيٍ يُوحَى إليه أو دِلالةٍ مِن المنام دلَّته عليه، أو يكونُ مِن المكروهِ الَّذي هو تحزينُ الشَّيطانِ، وحُكِيَ عن بعضِ العابرين أنَّه قال: يمكِنُ أن يكون اختُصِرَ مِن المنامِ أو سَقَطَ عن بعضِ الرُّواةِ منه ما لو ذُكِرَ لَدَلَّ على أنَّه مِن الأضغاث، وأمَّا العابرون فيتكلَّمُونَ في كُتُبِهم على قطْعِ الرَّأسِ ويجعلونَه في الجملة دِلالةً على مفارقةِ ما فيه الرَّائي مِن مفارقةِ النِّعَمِ، أو يفارِقُ مَن هو فوقَه، ويزولُ سلطانُه وتتغيُّر حالُه / في جميعِ أمورِه، إلَّا أنْ يكونَ عبدًا فيدلُّ على عِتقِه أو مريضًا فعلى شفائِه إلى غيرِ ذلك.
          وذَكَرَ ابنُ قُتَيبةَ أنَّ رَجُلًا قال: يا رسولَ الله، رأيتُ كأنَّ رأسِي قُطِعَ وأنا أنظُرُ إليه بإحدى عَيْنَيَّ، فضحِكَ النَّبِيُّ صلعم، وقال: ((بأيِّهما كنتَ تنظُرُ)) فلبِثَ ما شاء اللهُ، ثمَّ قُبِضَ النَّبِيُّ صلعم، فعبَّرَ النَّاسُ الرَّأسَ بالنَّبِيِّ والنَّظَرَ إليه باتِّباعِ السُّنَّةِ.
          فَصْلٌ: ولابنِ مَاجه مِن حديثِ جابرٍ: قال رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، رأيتُ البارحةَ كأنَّ عُنُقِي ضُرِبَتْ وسقطَ رأسي فاتَّبعْتُه فأخذْتُه فأعدْتُه، فقال ◙: ((إذا لَعِبَ الشَّيطانُ بأحدِكُمْ في منامِه فلا يُحَدِّثَنَّ النَّاسَ)) وفي روايةِ أبي الزُّبَيرِ: ((إذا حَلَمَ أحدُكم فلا يُخبِرْ النَّاسَ بِلَعِبِ الشَّيطانِ به في المنام)) وله عن عوفِ بن مالكٍ مرفوعًا: ((إنَّ الرُّؤيا ثلاثٌ: منها أهاويلُ مِن الشَّيطانِ ليَحْزُنَ ابنَ آدم، ومنها ما يَهُمُّ به الرَّجُلُ في يقظَتِه فيراه في منامِه، ومنها جُزْءٌ مِن أربعةٍ وأربعينَ جُزْءًا مِن النُّبوَّةِ)).
          وعن أمِّ كُرْزٍ مرفوعًا: ((ذهبتِ النُّبوَّةُ وبَقِيتِ المُبَشِّرات)) وعن عُبَادةَ قال: سألتُ رسولَ الله صلعم عن قولِه: {لَهُمُ البِشْرى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس:64] قال: ((هي الرُّؤيا الصَّادقةُ يراها المسلمُ أو تُرَى له)) وعن ابنِ عبَّاسٍ ☻ مرفوعًا: ((أيُّها النَّاسُ إنَّه لم يَبْقَ مِن مُبَشِّراتِ النُّبوَّة إلَّا الرُّؤيا الصَّالحة)) الحديث.
          ولابنِ أبي شَيْبَةَ والتِّرْمِذِيِّ _وقال: حَسَنٌ_ مِن حديثِ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ عن رَجُلٍ كان يُفتِي بمصرَ قال: سألتُ أبا الدَّرداءِ عن قولِه: {لَهُمُ البِشْرى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال: هي الرُّؤيا الصَّالحةُ. بزيادةِ: {وَفِي الْآخِرَةِ}: الجنَّةُ. ومِن حديث المختَارِ بن فُلْفُلٍ عن أَنَسٍ ☺ مرفوعًا _وقال التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غريبٌ_ ((إنَّ النُّبوَّة قد انقطعتْ والرِّسالةَ)) فَجَزِعَ النَّاسُ، فقال: ((قد بقيتْ مُبَشِّراتُ الرُّؤيا وهي جُزْءٌ مِن النُّبوَّة)) وفي لفظِ حُمَيدٍ عنه: ((جُزْءٌ من سِتَّةٍ وأربعينَ جُزْءًا مِن النُّبوَّة)).
          فَصْلٌ: الشِّمالُ خِلافُ اليمين، وذكره في باب الحُلُم مِن الشَّيطان بلفظ اليَسَارِ، وهو بفتح الياء أفصحُ مِن كسرِها.
          وقولُه: (وَلْيَبْصُقْ) وفي أخرى: ((فَلْينفُث)) وفي ثالثةٍ: ((فلْيتفُل)) وأكثرُ الرِّواياتِ على الثَّاني، وادَّعى بعضُهم أنَّ معناها واحدٌ، ولعلَّ المرادَ بالجميع النَّفْثُ وهو نفخٌ بلا رِيقٍ، ويكونُ التَّفْل والبَصْق محمولَين عليه مجازًا.
          فَصْلٌ: وقولُه: (فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ) معناه أنَّ الله تعالى جعلَ هذا سببًا لسلامتِه مِن مكروهٍ يترتَّب عليها، كما جعل الصَّدَقَةَ وقايةً للمالِ وسببًا لدفْعِ البلاءِ، وينبغي الجمْعُ بين هذه الرِّواياتِ كلِّها ويُعمَلُ بها كلِّها كما نبَّه عليه النَّوويُّ، فإذا رأى ما يَكرهُهُ نَفَثَ عن يسارِهِ ثلاثًا قائلًا: أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيم ومِن شرِّها، ولْيتحوَّل إلى جَنْبِه الآخَرِ ولْيُصلِّ ركعتين. قلتُ: ويقرأ آية الكُرْسيِّ كما سَلَفَ في تلك الرِّواية، فيكونُ قد عملَ بجميع الرِّوايات، وإن اقتصرَ على بعضِها أجزأَهُ في دفْعِ ضَرَرِها بإذن الله كما صرَّحتْ به الأحاديثُ. قال عِيَاضٌ: وأَمَرَ بالنَّفْثِ ثلاثًا طَرْدًا للشَّيطانِ الَّذي حَضَرَ رؤياه المكروهةَ وتحقيرًا له واستقذارًا وخُصَّتْ بها اليَسار لأنَّها محَلُّ المكروهات والأقذارِ.
          وقولُه: (وَلاَ يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ) وفي لفظٍ: ((ولا يحدِّثْ بها أحدًا)) فسبَبُه أنَّه رُبَّما فسَّرَهُ تفسيرًا مكروهًا على ظاهرِ صُورتِها، وكان ذلك محتملًا فوقعتْ بتقديرِ الله كذلك، فإنَّ الرُّؤيا _كما جاء في حديثِ ابن رَزِينٍ، وقال التِّرْمِذِيُّ: صحيحٌ_ ((رؤيا المؤمِنِ جُزْءٌ مِن ستَّةٍ وأربعين جُزءًا _وفي نُسخةٍ صحيحةٍ: جزءٌ مِن أربعين جزءًا_ وهي على رِجْلِ طائرٍ ما لم يتَحدَّثْ بها فإذا تحدَّثَ بها سَقَطت)) أي أنَّها تكون محتملةً لأمرين ففُسِّرت بأحدِهما. ولابنِ ماجه مِن حديث يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عن أنسٍ ☺: ((اعتبروها بأسمائها وكنُّوها بكُنَاها، والرُّؤيا لأوَّل عابِرٍ)) وفي «البستان» لابنِ أبي طالبٍ حديثٌ عبَّرَهُ الشَّارعُ ثمَّ عبَّرت عَائِشَةُ مِثْلَ ذلك المنامِ فاختلَفَ التَّعبيران.
          فَصْلٌ: وقولُه في الباب الماضي: (فَلْيُحَدِّثْ بِهَا) وجاء في باب إذا رأى ما يَكرهُ: ((فلا يحدِّث به إلَّا مَن يحبُّ)) [خ¦7044] وهذا مِن أحسَنِ الإرشادِ لموضع الرُّؤيا لأنَّه إذا أخبرَ بها مَن لا يُحِبُّ ربَّما حَمَلَهُ البُغضُ والحَسَدُ على تفسيرِها بمكروهٍ، فقد تقع تلك الصِّفةُ وإلَّا فيحصُلُ له في الحال حُزنٌ ونَكَدٌ مِن سُوءِ تفسيرِها. قال الخطَّابيُّ: هذا مِن أحسنِ الإرشادِ لموضع الرُّؤيا، واستعبارِها العالِمَ بها الموثوقَ برأيِه. وقولُه: ((عَلِى رِجْلِ طائرٍ)) مَثَلٌ ومعناه أنَّه لا يستقرُّ قرارُها ما لم تعبَّرْ.
          فَصْلٌ: قال عِيَاضٌ: يحتملُ أنَّ المرادَ صِحَّتُها، ويكونُ معنى الرُّؤيا الصَّالحةِ الحَسَنَةِ حُسْنُ ظاهرها، ويحتمل المرادُ صِحَّتُها وكذلك الرُّؤيا المكروهةُ. قال: وقولُه: ((فَلْيُبْشِر)) كذا في معظم الأُصُول بِضَمِّ الياء ثمَّ موحَّدةٍ ساكنةٍ مِن البِشَارة والبُشرى، وفي بعضِها بفتْحِ الياء والنُّونِ مِن النَّشْرَةِ وهو الإشاعةُ. قال: وهو تصحيفٌ. وفي بعضِها: ((فَلْيُسَرَّ)) بِسينٍ مهمَلةٍ مِن السُّرورِ.
          فَصْلٌ: مذهبُ أهلِ السُّنَّةِ في حقيقةِ الرُّؤيا كما نقله المازَرِيُّ أنَّ الله تعالى يخلُقُ في قلْبِ النَّائمِ اعتقاداتٍ كما يخلُقُها في قلْبِ اليقظان، وهو جَلَّ وعلا يَفعلُ ما يشاء لا يمنعُهُ نومٌ ولا يقظةٌ، فإذا خلَقَ هذه الاعتقاداتِ فكأنَّه خَلَقَها عَلَمًا على أمورٍ أُخَرَ يُلحِقُها في ثاني الحال أو كان قد خَلَقَها، فإذا خَلَقَ في قلْبِ النَّائمِ الطَّيرانَ وليس بطائرٍ فأكثرُ ما فيه أنَّه اعتقدَ أمرًا على خلافِ ما هو عليه، فيكونُ ذلك الاعتقادُ عَلَمًا على غيرِه / كما جَعَلَ اللهٌ الغيمَ علَمًا على المطرِ والجميعُ خلْقُ الله، ولكن يخلُقُ الرُّؤيا والاعتقاداتِ التي خَلَقَها عَلَمًا على ما يَسُرُّ بغيرِ حضْرَةِ الشَّيطانِ، وخَلَق ما هو عَلَمٌ على ما يضرُّ بِحضرَةِ الشَّيطان، فنُسِبَ إلى الشَّيطانِ مجازًا لحضورِه عندها وإن كان لا تَدَخُّلَ له حقيقةً، وهذا معنى قولِه: (الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ) لا على أنَّ الشَّيطانَ يَفعَلُ، فالرُّؤيا اسمٌ لمحبوبٍ والحُلمُ اسمٌ لمكروهٍ.
          وقال بعضُهم: إضافةُ الرُّؤيا إلى اللهِ إضافةُ تشريفٍ بخلافِ المكروهةِ وإنْ كانا جميعًا مِن خَلْقِ الله، والشَّيطانُ بحضرة المكروهةِ ويرتضيه ويُسرُّ به. يؤيِّدُه ما حكى القَيْرَوانيُّ في كتابه «نَوْر البُستان»: أنَّ أبا جعفرٍ مُحَمَّد بن عليٍّ الكِسائيُّ رَوَى في كتابه في الرَّؤيا عن إسماعيلَ بن أبي فُدَيكٍ عن يَعِيشَ بن طِخْفَةَ الغِفَاريِّ عن أبي هُرَيْرَةَ ☺: جاءت امرأةٌ إلى رسولِ الله صلعم فقالت: يا رسولَ الله ليس لي إلَّا هذا الولَدُ، ورأيتُ في المنام كأنِّي ذبحْتُهُ، ثمَّ جعلتُ أُقطِّعُهُ عضوًا عضوًا وطبختُهُ في قِدْرٍ، فقال: ((يا رُؤيا اخرجي)) فخرجَتِ امرأةٌ جميلةٌ بيضاءُ، فقال لها: ((هل أَرَيْتِ هذه شيئًا؟)) قالت: لا يا رسولَ الله، فقال: ((يا حُلُمُ اخرجي)) فخَرَجَت امرأةٌ أدماءُ، فقال: ((هل أَرَيْتِ هذه شيئًا؟)) قالت: لا، فقال: ((يا ضِغثُ اخرجي)) فخَرَجَتْ امرأةٌ ميِّتةٌ، فقال: ((هل أريتِ هذه شيئًا؟)) قالت: نعم، فقال: ((وما حملَكِ؟)) قالَ: للمرأةِ أنْ أَحزُنَها، فقال للمرأة: ((اذهبي فلا بأسَ عليكِ)).
          قال القَيروانيُّ: ورأيتُ نحوَه في بعض الكُتُبِ: أنَّ فاطمةَ رأتْ كأنَّ رسولَ الله صلعم دَخَلَ عليها والحَسَنُ والحسينُ نائمان، فأطعمَهما فاكهةً فَشَرِقَا، فأَخْبَرتْ رسولَ الله صلعم بذلك، فنادى عن يمينِه: ((يا رُؤيا)) فأجابه صوتٌ، فقال: ((أنتِ أَرَيتِ فاطمةَ هذه؟)) قالت: نعم، فناولهما ◙ فاكهةً كانت عندَه، فأكَلَا ولم يُصبْهُمَا شيءٌ.
          قال القَيْروانيُّ: هذا إن صحَّ فيُحمَل على صِدْقِ رُؤيا فاطمَةَ لِذِكْرِ الشَّارع فيها، ومَوْتُ وَلَدَيْهِما متولِّدٌ مِن حَذَرِ النَّفْسِ وإشفاقِها وهو مضافٌ إلى الشَّيطان، وهذا مِن الباطلِ الَّذي وَصَفَ المفسِّرون أنَّ الشَّيطانَ يُدخِلُه على النَّائمِ في الرُّؤيا الصَّالحةِ ليُفسِدَها عليه حَسَدًا له.
          فَصْلٌ: ذَكَرَ الإسْمَاعيليُّ في حديثِ أَبِي قَتَادَةَ أمرين:
          أوَّلُهما: لَمَّا رواه عن ابنِ نَاجِيَةَ قال: حدَّثنا إِسْحَاقُ بن أبي إسرائيلَ ومُحَمَّدُ بن سُلَيْمان لُوَيْنٌ قال: لم يتجاوَزْ لُوَيْنٌ في حديثِه أبا سَلَمَةَ أنَّه ◙ قال: ((الرُّؤيا الصَّالحةُ)) الحديث، وهذا منه ترجيحٌ للإرسالِ على الإسنادِ لأنَّ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمانَ حافظٌ.
          ثانيهما: هذا الحديثُ ليس مِن هذا البابِ في شيءٍ. قلتُ: لكنْ فيه ذِكْرُ الصَّالحةِ فقط.
          فَصْلٌ: في اتِّصال قولِه: (رَوَاهُ ثَابِتٌ وَحُمَيدٌ...) إلى آخرِه، وأمَّا حديثُ ثابتٍ _وهو ابنُ أسلمٍ_ فأخرجه مُسلمٌ إثْرَ حديثِ أَنَسٍ عن عُبَادةَ مِن حديث شُعْبَةَ عنه. وحديثُ حُمَيدٍ أخرجه ابنُ أبي شَيْبَةَ عن النُّفَيلِيِّ عنه عن أنسٍ أنَّه قال، فذَكَرَهُ موقوفًا. وحديثُ إِسْحَاقَ بنِ عبدِ الله بنِ أبي طَلْحَة فَسَاقَهُ البُخَارِيُّ مسنَدًا في بابِ رُؤيا الصَّالحين مِن حديثِ مالكٍ عنه [خ¦6983] وحديثُ شُعَيبٍ _هو ابن الحَبْحَابِ_ أخرجه خَلَفٌ وأبو مسعودٍ في «أطرافِهما».
          فَصْلٌ: حديثُ أبي سَعِيدٍ فيه أنَّها: (جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبوَّة) وهي أشهرُها، وكذا مِن حديثِ أنسٍ وعُبَادةَ وأبي هُرَيْرَةَ، وفي «مستخرَج الإسْمَاعيليِّ» خمسةٌ وأربعون جُزْءًا، وسلَفَ أنَّ في بعضِ النُّسَخِ لِحديثِ أبي رَزِينٍ: ((جُزْءٌ مِن أربعين جُزْءًا)) وفي ابنِ ماجه مِن حديثِ فراسٍ عن عطيَّةَ عن أبي سَعِيدٍ: ((جُزْءٌ مِن سبعينَ جُزْءًا مِن النُّبوَّة)) وكذا لمسلمٍ مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ، وكذا لابنِ أبي شَيْبَةَ من حديثِ زَاهِرٍ الأَسْلَميِّ عن أبيه عن عبدِ الله بن مَسْعُودٍ مثلَه موقوفًا.
          وذَكَرَ الطَّبَرِيُّ في «تهذيبِه» مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ: ((جُزْءٌ مِن أربعين جُزْءًا)) ومِن حديثِ عبدِ الله بن عَمْرٍو: ((مِن تسعةٍ وأربعين جُزْءًا)) ومِن حديث العبَّاسِ: ((جُزْءٌ مِن خمسينَ جُزْءًا)) ومِن حديثِ ابنِ عُمَرَ وابنِ عبَّاسٍ وأبي هُرَيْرَةَ: ((جُزْءٌ من أربعينَ جُزْءًا)) وعن ابنِ عُمَرَ: ((مِن ستَّةٍ وعشرين)) وعن عُبَادةَ: ((مِن أربعةٍ وأربعين)).
          وأسلفْنا عن الزَّجَّاجِ وبعضِهم كلامَه على ستَّةٍ وأربعين ولا يَتَأتَّى في غيرها كسبعين ونحوِها، وأيضًا فبعْضُهم: أنَّ مُقَامَهُ بمكَّةَ كان عشْرًا فلم يتَّفِقوا على ثلاثَ عشْرَةَ. وحَكَى المازَرِيُّ عن بعضِهِم الأوَّل، وعن بعضِهم أنَّه ◙ قد خُصَّ دون الخليقةِ بضُروبٍ وفنونٍ، وجُعِلَ له إلى العلمِ طرقٌ لم تُجعَلْ لِغيرِه، فيكون المرادُ: نِسْبَتُها ممَّا حَصَلَ له ومُيِّز به جُزْءٌ مِن ستَّةٍ وأربعين جُزْءًا، فلا يبقى على هذا إلَّا أن يُقالَ: بيِّنوا هذه الأجزاء، ولا يَلْزَمُ العلماءَ أنْ تَعرِفَ كلَّ شيءٍ جملةً وتفصيلًا، وقد جعلَ اللهُ للعلماء حدًّا تَقِفُ عليه، فمنها ما لا تعلمُهُ أصلًا، ومنها ما تعلمُه جُملةً ولا تعلمُه تفصيلًا وهذا منه، ومنها ما تعلمُه جملةً وتفصيلًا، لا سيَّما ما طريقُهُ السَّمع، ولا مدخلَ للعقلِ فيه فإنَّما يُعرَفُ منه قَدْرُ ما يُعَرِّفُ السَّمعُ.
          قال: وقد مال بعضُ شيوخِنا إلى هذا الجواب الثَّاني وقَدَحَ في الأوَّل بأنَّه لم يَثْبُتْ أنَّ أمدَ رؤياه قبْلَ النُّبُوَّةِ كان ستَّةَ أشهُرٍ وبأنَّه بعد النُّبوَّةِ رأى مناماتٍ كثيرةً فيجِبُ أن يُلَفَّقَ منها ما يُضافُ إلى السِّتَّةِ الأشهُرِ فيتغيَّرُ الحسابُ وتَفسُدُ السِّتَّةُ، ولا وجه عندي لاعتراضِه بما كانَ مِن المنامات خلالَ زَمَنِ الوحيِ؛ لأنَّ الأشياء تُوصَف بما يغلُبُ عليها وتُنسَبُ إلى الأكثرِ منها، فلمَّا كانت الستَّةُ أشهُرٍ محضةً في المنامات، والثلاثُ وعشرون سنةً جُلُّها وحيٌ وإنَّما فيها مناماتٌ شيءٌ يسيرٌ يُعَدُّ عَدًّا وَجَبَ أن يُطَّرَحَ الأقلُّ في حُكْمِ النِّسْبَةِ والحساب. وقد سَلَفَ أنَّ أَمَدَ الرُّؤيا لم يَثبُتْ أنَّه كان ستَّةَ أشهُرٍ فكيف حَكَمت بعدمه ولم يتَّضِح ثبوته؟
          قال المازَرِيُّ: ويحتمل عندي أن يُرادَ بالحديث وجهٌ آخرُ، وهو أنَّ ثَمرةَ المناماتِ الخبرُ بالغيب لا أكثر، وإنْ كان يَتبَعُ ذلك إنذارٌ أو تبشير، والإخبارُ بالغيبِ أَحَدُ ثمرات النُّبوَّةِ وأحدُ فوائدِها وهو في جنْبِ فوائدِ النُّبُوَّةِ والمقصودِ بها يسيرٌ؛ لأنَّه يصحُّ أن يُبْعَثَ نبيٌّ يشرِّعُ الشرائعَ ويُبيِّنُ الأحكامَ ولا يُخبِرُ بغيبٍ أبدًا، ولا يكون ذلك قادحًا في نبوَّتِه ولا مُبطِلًا للمقصودِ منها، وهذا الجزءُ مِن النُّبوَّةِ _وهو / الإخبارُ بالغيبِ_ إذا وقعَ فلا يكونُ إلَّا صِدقًا ولا يقعُ إلَّا حقًّا، والرُّؤيا ربَّما دلَّت على شيءٍ ولم يقَعْ ما دلَّت عليه، إمَّا لكونِها مِن الشَّيطانِ أو مِن حديثِ النَّفْسِ أو مِن غَلَطِ العابِرِ في أصل العِبَارَةِ، إلى غيرِ ذلك مِن الضُّرُوب الكثيرةِ الَّتي تُوجِبُ عَدَمَ الثِّقَةِ بدِلالة المنام، فقد صار الخبرُ بالغيبِ أحدَ ثمراتِ النُّبوَّةِ وهو غيرُ مقصودٍ فيها، ولكنَّهُ لا يقع إلَّا حقًا، وثمرةُ المنامِ الإخبارُ بالغيب ولكنَّهُ قد لا يقع صِدقًا فتقدَّر النِّسبة في هذا بِقَدْرِ ما قدَّرَه الشَّارعُ بهذا العدد على حسبِ ما أَطْلَعه الله عليه؛ ولأنَّه يَعلم مِن حقائق نبوَّتِهِ ما لا نَعلمُه نحن، وهذا الجوابُ الثَّاني عن بعضِهم فإنَّهم لم يَكشفوه هذا الكشْفَ ولا بَسَطُوه هذا البسْطَ.
          وأشار الطَّبَرِيُّ إلى أنَّ هذا الاختلافَ راجعٌ إلى اختلافِ حال الرَّائي، فالمؤمن الصَّالح تكون رؤياه مِن ستَّةٍ وأربعين والفاسقُ مِن سبعين، وقيل: المرادُ أنَّ الخفيَّ منها جُزْءٌ مِن سبعين، والجليَّ جُزْءٌ مِن ستَّةٍ وأربعين.
          قال الطَّبَرِيُّ: والصَّوابُ أن يُقال: إنَّ عامَّة هذه الأحاديثِ أو أكثرُها صِحاحٌ ولكلٍّ منها مَخْرَجٌ:
          فأمَّا روايةُ السَّبعين فإنَّه عامٌّ في كلِّ رؤيا صالحةٍ صادقةٍ لكلِّ مُسلمٍ رآها في منامِه على أيِّ أحوالِه كان، وهذا قولُ ابنِ مَسْعُودٍ وأبي هُرَيْرَةَ والنَّخَعِيِّ.
          وأمَّا رواية الأربعين والستَّة والأربعين فإنَّه يريدُ بذلك ما كان صاحبُها بالحال التي ذُكِرَ عن الصِّدِّيقِ أنَّه يكون بها: رَوَى ابنُ وَهْبٍ عن عُمْرِو بن الحارث أنَّ بَكْرَ بن سَوَادةَ حدَّثه أنَّ زِيادَ بن نُعَيمٍ حدَّثه أنَّ أبا بكْرٍ ☺ كان يقول: لَأَنْ يَرَى المسلمُ _يُسبغ الوُضُوءَ_ رُؤيا صالحةً أحبُّ إليَّ مِن كذا وكذا. فمَن كانَ مِن أهل الإسباغِ في السَّبَراتِ والصَّبْرِ على المكروهاتِ وانتظارِ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ فرؤياه الصَّالحةُ جُزْءٌ مِن ذلك، ومَن كانت حالُه في دَأْبِهِ بين ذلك فرُؤياه الصَّادقةُ بين الأربعين إلى السَّبعين لا يَنتقِصُ عن السَّبعين ولا يُزاد على الأربعين. قلتُ: ويحتاجُ إلى توجيه روايةِ ستَّةٍ وعشرين.
          قال ابن بطَّالٍ: وأصحُّ ما في الباب حديثُ الستَّةِ وأربعين جزءًا، ويتلوها في الصِّحَّة سبعون، ولم يذكر مُسلمٌ في «كتابِه» غيرَ هذين الحديثين، فأمَّا الأوَّلُ فأخرجه مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ مرفوعًا، وأمَّا سائرُها فهي مِن أحاديثِ الشًّيوخ. ثمَّ قال: فإن قلتَ: فما وجْهُ التَّوفيق بين السَّبعين والستَّةِ والأربعين، والنَّسْخُ غيرُ جائزٍ في الأخبارِ؟ فالجواب: أنَّه يجب أن نَعلَم ما معنى كون الرُّؤيا جُزْءًا مِن أجزاءِ النُّبوَّة، فلو كانت جُزءًا مِن ألْفِ جُزْءٍ منها لكانَ ذلك كثيرًا، فيُقال: إنَّ لفظ النُّبوَّةِ مأخوذٌ مِن الإنباءِ، والإنباءُ الإعلامُ لغةً، والمعنى أنَّ الرُّؤيا إنباءٌ صادِقٌ مِن الله لا كَذِبَ فيه، كما أنَّ معنى النُّبوَّةِ الإنباءُ الصَّادق مِن الله الَّذي لا يجوز عليه الكَذِبُ فشابهتِ الرُّؤيا النُّبوَّةَ في صدقِ الخبر عن الغيبِ.
          وأمَّا معنى اختلافِ الأجزاءِ في ذلك قِلَّةً وكثرةً فإنَّا وجدْنا الرُّؤيا تنقسمُ قسمين لا ثالث لهما: وهو أن يرى الرَّجُلُ رؤيا جليَّةً ظاهرةَ التَّأويلِ مِثْلَ مَن رَأَى أنه يُعطَى شيئًا في المنام فُيعطَى مِثْلَه يقظةً بعينِه، وهذا الضَّربُ مِن الرُّؤيا لا إغراقَ في تأويلِها ولا رَمْزَ في تعبيرِها. ثانيهما: ما يراه في المنامات المرموزةِ البعيدةِ المرامِ في التَّأويلِ، وهذا الضَّرْبُ يعسُرُ تأويلُه إلَّا لحاذقٍ في التَّعبيرِ لِبُعْدِ ضَرْبِ المثلِ فيه، فيمكنُ أن يكونَ هذا مِن السَّبعين جُزءًا والأوَّلُ مِن الأجزاء السِّتَّةِ والأربعين وهذا قد سلف؛ لأنَّه إذا قلَّتِ الأجزاءُ كانتِ الرُّؤيا أقربَ إلى النَّبأِ الصَّادقِ وآمَنَ مِن وقوعِ الغَلَطِ في تأويلِها، وإذا كَثُرَتِ الأجزاءُ بَعُدَتْ بمقدارِ ذلك وخفِيَ تأويلُها.
          ولَمَّا عرضتُهُ على جماعةٍ فحسَّنوه وزادني فيه بعضُهم بأنْ قال: الدَّليل على صِحَّتِه أنَّ النُّبوَّةَ على مِثْلِ هِذه الصِّفةِ تَلَقَّاها الشَّارعُ عن جبريلَ، فقد أخبرَنا أنَّه كان يأتيه مرَّةً بالوحيِ فيُكَلِّمُه بكلامٍ فَيَعِيه بغير مُؤنَةٍ ولا مشقَّةٍ، ومرَّةً يُلقي إليه جُمَلًا وجوامعَ يشتدُّ عليه فكُّها وتبيينها حتَّى تأخُذَه الرُّحَضَاءُ ويتحدَّرَ منه العَرَقُ كالجُمَانِ، ثمَّ يُعينُه اللهُ على تبيينِ ما أَلقَى إليه مِن الوحي، فلمَّا كان تلقِّيه للنُّبُوَّةِ المعصومة بهذِه الصِّفة كان تلقِّي المؤمنِ للرُّؤيا مِن عندِ الملَكِ الآتي بها من أمِّ الكتابِ بهذِه الصِّفة.
          وفيه تأويلٌ آخرُ ذكره أبو سَعِيدٍ السَّفاقِسيُّ عن بعض أهل العِلمِ قال: معنى السِّتَّةِ والأربعينَ أنَّ الله أوحَى إلى نبيِّهِ في الرُّؤيا ستَّة أشهرٍ، ثمَّ بعد ذلك أوحَى إليه بإعلامٍ باقي عُمُرِه، وكان عُمُرُه في النُّبوَّةِ ثلاثةً وعشرين عامًا، فيما رواه عِكْرِمَةُ وعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ عن ابنِ عبَّاسٍ، فإذا نسبْنا ستَّةَ أشهُرٍ مِن ثلاثةٍ وعشرينَ وجدْنا ذلك جُزءًا مِن سِتَّةٍ وأربعين، وهذا أسلفناه.
          قال ابنُ بطَّالٍ: وهذا التَّأويل يَفْسُدُ مِن وجهينِ: أحدُهما: أنَّه قد اختُلِفَ في مدَّةِ رسولِ الله صلعم فقيل: إنَّها كانت عشرين عامًا. رواه أبو سَلَمَةَ عن ابن عبَّاسٍ وعَائِشَةَ ♥. والثَّاني: أنَّه يَبقى حديثُ السَّبعين جُزءًا بغيرِ معنى. وهو كما قالَ، وقد أسلفناه أيضًا.