التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب رؤيا النساء

          ░13▒ بَابُ رُؤْيَا النِّسَاءِ
          7003- 7004- ذَكَرَ فيه حديثَ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ _امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ بَايَعَتْ رَسُولَ الله صلعم_ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَةً، قَالَتْ: (فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا) الحديث سَلَفَ في الجَنَائز [خ¦1243].
          وفي لَفْظٍ: وَأَحْزَنَنِي فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ الله صلعم فَقَالَ: (ذَلِكَ عَمَلُه).
          وأمُّ العلاءِ هذه هي ابنةُ الحارثِ بنِ ثابتِ بن حارِثَةَ بن ثَعْلبةَ بن جُلَاسِ بن أُمَيَّةَ بن حذَارةَ بن / عوفِ بن الحارثِ بن الخَزْرجِ بن حارِثَةَ، أخو الأوْسِ بنِ حارِثَةَ، وعمَّتُها كَبْشَةُ بنتُ ثابتٍ، وبنتُ أخيها أمُّ نوحٍ بنتُ ثابتِ بن الحارثِ بنِ ثابتِ بن حَارِثةَ بن ثَعْلبَة، أسلمْنَ كلُّهنَّ وبايَعْنَ. وترجم له بابُ العينِ الجاريةِ في المنام كما سيأتي [خ¦7018] ولا شكَّ في صِحَّةِ رُؤيا النِّساء كالرِّجال كما أسلفْناه، والمرأةُ المؤمنةُ داخلةٌ في معنى قولِه: ((رُؤْيَا المُؤْمِنِ...)) إلى آخرِه.
          والعينُ في المنام تختلِفُ وجوهُها، فإذا تعرَّت مِن دلائِلِ الهَمِّ وكان ماؤها صافيًا دلَّت على العملِ الصَّالح، كما فسَّره ◙، وقد تدُلُّ مِن العمَلِ على ما لا يَنقطِعُ ثوابُه كَوَقْفِ أرضٍ عليه أو غَلَّةٍ يجري ثوابُها دائمًا وعِلْمٍ عَلَّمَه النَّاسَ عَمِلَ به مِن عَلِمَه، فإن كان ماؤها غير صافٍ فهو غمٌّ وحَزَنٌ، وقد تدلُّ على العينِ الباكيةِ وعلى الفِتنةِ لِقولِه تعالى: {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا} [القمر:12] وكانت فِتنةً جَرَتْ بِهَلاكِهم، أَلَا تَرَى قولَه تعالى: {مَّاءً غَدَقًا. لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [الجن:17- 16] وقد تدُلُّ على المالِ العينِ الجاريةِ، ويَستَدِلُّ العابِرُ على هذه الوجوه بأحوالِ الرَّائين وبزيادةِ الرُّؤيا ونُقصانِها.
          فَصْلٌ: إجراءُ عَمَلِهِ عليه لعلَّه إمَّا لخيرٍ قدَّمَه مؤبَّدًا أو لغيرِ ذلك، وإلَّا فقد صحَّ أنَّ المرءَ إذا ماتَ ((انقطعَ عَملُه إلَّا مِن ثلاثٍ)) فقولُه: (ذَلِكَ عَمَلُهُ) أي: ثوابُ عَمَلِهِ.
          وقولُه: (طَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ) كان عثمانُ هذا وعبدُ الله وقُدَامَةُ مِن المهاجرين الأوَّلين الَّذين صلَّوا القِبْلَتينِ ومِن أهلِ بدرٍ.
          وقولُه: (فَوَجِعَ وَجَعَهُ) أي مَرِضَ مَرَضَه. قال الجَوْهَرِيُّ: تقولُ وَجِع فلانٌ يَوْجَع ويَيْجَع ويَاجَعُ فهو وَجِعٌ. قال ابنُ التِّين: ورُوِّيناه: <فَوُجِعَ> بضمِّ الواو.
          وقولُه: (مَا يُفْعَلُ بِي) ورَوَى في البابِ الآتي: (مَا يُفْعَلُ بِهِ). قال الدَّاوُدِيُّ: الأوَّلُ ليس بصحيحٍ والصَّحيحُ هذا لأنَّ الرَّسولَ لا يَشُكُّ. قال: وقال ذلك قبل أن يُخبرَ أنَّ أهل بدرٍ يَدخلون الجنَّةَ.