التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب اللبن

          ░15▒ بَابُ اللَّبَنِ في المَنَامِ
          7006- ذَكَرَ فيه حديثَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الله، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلعم يَقُولُ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظَافِيرِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي) يَعْنِي: عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: (الْعِلْمَ).
          وقد سلف في كتاب العِلم [خ¦82] قال المُهَلَّب: رُؤيةُ اللَّبنِ في النَّومِ تدُلُّ على السُّنَّةِ والفِطرةِ والعِلمِ والقرآن؛ لأنَّه أوَّلُ شيءٍ يَنالُهُ المولودُ مِن طعامِ الدُّنيا، وهو الذي يَفْتُقُ مِعَاهُ وبه تقومُ حياتُه كما تقومُ بالعِلم حياةُ القلوب، فهو يُشَاكِلُ العِلمَ مِن هذا الوجه، وقد يدلُّ على الحياة لأنَّها كانت به في الصِّغَرِ، وقد يدلُّ على الثَّوابِ لأنَّه مِن نعَيم الجنَّةِ إذا رُئي نهرٌ مِن لبنٍ، وقد يدلُّ على المالِ الحلالِ، وإنما أوَّلَه الشَّارعُ في عُمَرَ بالعِلْمِ والله أعلمُ لِعِلْمِهِ بِصِحَّةِ فِطْرتِه ودِينِه، والعِلمُ زيادةٌ في الفِطرَةِ على أصْلٍ معلومٍ.
          فَصْلٌ: (الرِّيَّ) بكسْرِ الرَّاءِ الاسمُ، كما قال الدَّاوُدِيُّ، والرَّوَاءُ الشَّرَابُ، وبالفتْحِ مصدرٌ. قال الجَوْهَرِيُّ: رَوِيَ مِن الماءِ بالكسْرِ أَرْوَى رِيًّا ورَيًّا ورِوًا أيضًا مِثْلُ رَضِيَ ورِضًا.
          وقولُه: (أَظَافِيْر) قال الجَوْهَرِيُّ: الظُّفْرٌ جمعُه أَظَافِرُ وأُظْفُورٌ وأَظَافِير.
          وقولُه: (يَجْرِيْ مِنْ أَظْفَارِي) قال الدَّاوُدِيُّ: قد يراه مِن تحتِ الجِلْدِ أو يُحِسُّهُ فيكونُ هذا رويًّا. قلتُ: وقولُهم: (فَمَا أَوَّلْتَهُ؟) أي فسَّرْتَه، والتَّأويلُ تفسيرُ ما يؤولُ إليه الشَّيءُ، وأوَّلْتُهُ وتَأوَّلْتُهُ بمعنًى، وفي الحديثِ الآخَر: ((يَخْرُجُ مِنْ أَطْرَافِي)) جمع طَرَفٍ بتحريكِ الرَّاء وهو بمعنى هذا. وترجَمَ عليه: