التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا أصاب قوم غنيمةً فذبح بعضهم غنمًا أو إبلًا بغير أمر

          ░36▒ بابٌ إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ غَنَمًا أَوْ إِبِلًا بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ، لَمْ تُؤْكَلْ، لِحَدِيثِ رَافِعٍ عَنِ النَّبِيِّ صلعم. وقال طَاوُسٌ وعِكْرِمَةُ في ذَبِيحَةِ السَّارِقِ: اطْرَحُوهُ.
          5543- ثُمَّ ساق حديث رافِعٍ بطولِه، وقد سلف [خ¦1229] وفيه: (وَتَقَدَّمَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَأَصَابُوا مِنَ الغَنَائِمِ) وَسَرَعَانُ النَّاسِ: أَخِفَّاؤهم وهم المستعجِلُون منهم، كذا رواه المتقنون وهو قول الكِسَائيِّ وهو الوجه، وضبطَه بعضهُم بسكون الرَّاء وله وجهٌ، وضبطهُ الأَصِيليُّ وغيرُه: <سُرعان> والأوَّل أوجهُ، لكن يكون جمع سَرِيعٍ كَقَفِيز وقُفْزَان. وحكى الخطَّابيُّ عن بعضِهم: سِرْعان، قال: وهو: خطأٌ، قال: وأمَّا قولُهم: سَُِرْعانَ ما فعلت، بالفتح والضَّمِّ والكسر.
          قال ابن التِّين: ضُبط بضمِّ السِّين، والذي في «الصِّحَاح»: سَرَعَان النَّاس _بالتَّحريك_ أوائلُهم، قال: وهنا يلزم الإعراب نونَه مِن كلِّ وجهٍ. قال: وقول طَاوُسٍ وعِكْرِمَةَ لعلَّه يريد على التنزُّه وإلَّا فإنْ ضَمِنَه صاحبُها أو رضي أخذها فأكلها جائزٌ، وقولُه في التَّرجمة: (فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ إِبِلًا أَوْ غَنَمًا بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ) هم سَرَعَان النَّاسِ الذين فعلوه دون اتِّفاقٍ مِن أصحابِهم، وقد سلف في الجهاد أيضًا [خ¦2874]، وكذا معنى أمرِه بإكفاء القُدُور في الذَّبائح قريبًا [خ¦5498].
          وأمَّا ذَبِيحة السَّارق فقال ابن بطَّالٍ: لا أعلم مَن تابع طَاوُسًا وعِكْرِمَةَ على كراهة أكلِها غير إسحاقَ بن رَاهَوَيهِ، وجماعةُ الفقهاء على إجازتها، وأظنُّ أنَّ البُخَارِيَّ أراد نَصْرَ قول طَاوُسٍ وعِكْرِمَةَ لحديث رافِعٍ وجعل أمرَه بإكفاء القُدُور حُجَّةً لمَن كره ذبيحة السَّارق، ورأى الذين ذبحوا الغنائم بغير أمر أصحابهم في معنى ذبيحة السَّارق حين ذبحوا ما ليس لهم؛ لأنَّهم ذبحوا في بلاد الإسلام بذي الحُلَيْفة قُرْبَ المدينة، كذا وقع، وفيه نظرٌ، وقد خرجوا مِن أرض العَدُوِّ فلم يكن لبعضِهم أن يستأثرَ بشيءٍ منها دون أصحابِه، وليس في ذلك حجةٌ قاطعةٌ؛ لأنَّه قد اختُلِف في معنى أمرِه بإكفائِها، وقِيل أنَّها كانت نُهبةً، ولا يُقطع على وجهٍ مِن ذلك، واختلف أيضًا في قطْعِ مَن سرقَ مِن المغْنَمِ.