التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب التصيد على الجبال

          ░11▒ بابُ التَّصَيُّدِ عَلَى الْجِبَالِ
          5492- ذكر حديث ابن وَهْبٍ: أخبرنا عَمْرٌو، أنَّ أبا النَّضْر حدَّثَهُ عن نافعٍ _مولى أبي قَتَادَةَ_ وأبي صالِحٍ _مولى التَّوَأَمَةِ_ قالا: سمعنا أَبَا قَتَادَةَ ☺ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلعم فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَأَنَا حِلٌّ عَلَى فَرَسٍ، وَكُنْتُ رَقَّاءً عَلَى الجِبَالِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذْ رَأَيْتُ النَّاسَ مُتَشَوِّفِينَ فنظرتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ.. وساق الحديث المذكور في الحجِّ.
          والتَّوأمَةُ: بفتح التاء، وواوٍ ساكنةٍ، ثمَّ همزةٍ مفتوحةٍ، وقال ابن التِّين: فيه روايتان: تُومَة، على وزن: حُطَمة، وتَومة بفتح أوَّلهِ كما أسلفناه، قال الدَّاوُدِيُّ: تغيَّر أبو صالحٍ هذا بأَخرَة فمَن أخذَ منه قديمًا مثل ابن أبي ذِئبٍ وعَمْرو بن الحارث فهو صحيحٌ، وذكرَه هنا مع نافِعٍ لِمَا في حديثِه مِن الزِّيَادة، وهو قولُه: (رَقَّاءً) إلى قولِه: (حِمَارُ وَحْشٍ).
          وقال الجَيَّانيُّ: كذا رواه ابن السَّكَن، وأبو أحمدَ، وأبو زيدٍ عن نافعٍ وأبي صالحٍ، إلَّا أنَّ أبا مُحَمَّدٍ كتب في حاشية كتابه: هذا خطأٌ. يعني: أنَّ صوابَهُ عنده: عن نافعٍ وصالحٍ مولى التَّوأمَةِ. وليس كما ظنَّ، الحديث محفوظٌ لِنَبْهانَ أبي صالحٍ لا لابنِه صالحٍ، وروايةُ مَن ذكرنا مِن الرُّواة صوابٌ كما رُوُّوه، والوَهْم مِن أبي مُحَمَّدٍ، وقد أخبرني أبو عَمرو أحمد بن مُحَمَّد بن يحيى ابن الحذَّاء عن أبيه، قال: سألتُ أبا مُحَمَّدٍ عبد الغنيِّ بن سَعِيدٍ المِصْريَّ عن هذا الحديث، وعمَّن روى وصالح مولى التَّوأمَة فقال: هذا خطأٌ، إنَّما هو عن نافعٍ وأبي صالحٍ.
          قال: وأبو صالحٍ هذا هو: والد صالحٍ، ولم يأتِ له غير هذا الحديث فلذلك غَلِطَ فيه مَن غَلِط، وأبو صالحٍ اسمُه: نَبْهَانُ، وهو مذكور فيمَن خرَّج له البُخَارِيُّ في «الصَّحيح» يعني في المقروناتِ.
          فَصْلٌ: نبَّه البُخَارِيُّ بما ترجم على جواز ارتكاب المشاقِّ لنفسِه ودابَّتهِ لغرضٍ صحيحٍ وهو الصَّيد، والتَّصيُّد على الجبال كهو على السَّهل في الإباحة سواء، وأنَّ جري الخيل في الجبال والأوعارِ جائزٌ للحاجة وليس مِن تعذيب الحيوان والتَّحامُل عليها.
          فَصْلٌ: قولُه: (رَقَّاءً) ممدودٌ، فعَّال، مِن رَقَى إذا صَعِدَ وطَلَع. وفي قولِه: (إِذْ رَأَيْتُ النَّاسَ مُتَشَوِّفِينَ)، وفي أخرى <فَضَحِكَ بَعْضُهُم> أنَّ التَّشوُّف والضَّحك ليس بإعانةٍ.