التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الوسم والعلم في الصورة

          ░35▒ بابُ الْوَسْمِ وَالْعَلَمِ فِي الصُّورَةِ
          5541- حَدَّثَنا عُبَيْد الله بن مُوسَى، عن حَنْظَلةَ، عن سَالِمٍ، عن ابن عُمَرَ ☻ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ تُعْلَمَ الصُّورَةُ. وَقَالَ ابن عُمَرَ: نَهَى النَّبِيُّ صلعم أَنْ تُضْرَبَ. تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنا الْعَنْقَزِيُّ، عَنْ حَنْظَلَةَ وَقَالَ: تُضْرَبُ الصُّورَةُ. /
          5542- ثُمَّ ساق حديث أنسٍ ☺: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلعم بِأَخٍ لِي يُحَنِّكُهُ وَهْوَ فِي مِرْبَدٍ لَهُ، يَسِمُ شَاتَه حَسِبْتُهُ قَالَ: فِي آذَانِهَا.
          الشَّرح: (الْعَنْقَزِيُّ) نسبةً إلى العَنْقَزِ وهو المَرْزَنْجُوش، واسمُه عَمْرُو بن مُحَمَّدٍ القُرَشيُّ مولاهم، مات سنة تسعٍ وتسعين ومئةٍ، انفرد به مُسْلمٌ. وعلَّق له البُخَارِيُّ كما ترى.
          والصُّورة: الوجه، والمربَدُ: الموضع الذي تُحْبَس فيه الإبل وغيرُها، وهو اسم الموضع الذي يجفَّف فيه التمر عند أهل المدينة وهو المِسْطَحُ والجَرِين في لغة أهل نجْدٍ. والوَسْمُ في الصَّورة مكروهٌ عند العلماء كما قاله ابن بطَّالٍ وعندنا أنَّه حرامٌ.
          وفي أفراد مُسلمٍ مِن حديثِ جابرٍ أنَّه ◙ مرَّ على حمارٍ وقد وُسِمَ في وجهِه فقال: ((لعَنَ اللهُ الذي وَسَمَه)) وإنَّما كرهوه لشرفِ الوجهِ وحصول الشَّين فيه وتغيير خَلْق الله.
          وأمَّا الوَسْم في غير الوجه للعلامة والمنفعة بذلك فلا باسَ به إذا كان يسيرًا غير شائنٍ، أَلَا ترى أنَّه يجوز في الضَّحايا وغيرها، والدليل على أنَّهُ لا يجوز الشائن مِن ذلك أنَّه ◙ حَكَم أنَّ مَن شَانَ عبدًا ومثَّلَ به باستئصال أنفٍ أو أُذُنٍ أو جارحةٍ عَتِق عليه، وليس يُعتق إن جَرَحه أو شقَّ أُذُنَه، وقد وَسَم الشَّارع إبلُ الصَّدقة وهو حُجَّةُ ما لا يَشِين منه، وقد سلف حيث يجوز الوَسْم مِن البهائم في باب: وسْمُ الإمام إبلَ الصَّدَقة في كتاب الزكاة.
          فائِدَةٌ: هذا الأخ هو عبد الله بن أبي طَلْحَةَ كما فُسَّر في موضعٍ آخرَ، وقولُه: (حَسِبْتُهُ قَالَ: فِي آذَانِهَا)، الظَّاهر أنَّه مِن قول شُعْبَةَ إذ في الصَّحيح أيضًا، قال شُعْبَةُ: وأكثرُ عِلْمي أنَّه قال: في آذانها. وفي روايةٍ لأحمد وابن ماجه: ((يَسِمُ غَنَمًا في آذانها)).