التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول النبي: فليذبح على اسم الله

          ░17▒ بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: (فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ).
          5500- ذكر فيه حديث جُندب السَّالف في العيدين [خ¦985] ويأتي في الأضاحي [خ¦5562] والنُّذُور [خ¦6674] والتَّوحيد [خ¦7400]، وأخرجَهُ مُسْلِمٌ والنَّسائيُّ، وموضع الحاجة منه: (وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ).
          وفائدة هذه الترجمة بعد تقدُّم التَّرجمة على التَّسمية التَّنبيهُ على أنَّ النَّاسيَ ذَبَح على اسم الله؛ لأنَّه لم يقل في هذا الحديث فليُسَمِّ، وإنَّما جعل أصلَ ذبْحِ المسلم على اسم الله مِن صِفة فعلِهِ ولوازمِهِ كما ورد ذِكْر الله على قلب كلِّ مسلمٍ سمَّى أو لم يُسَمِّ.
          وفي «المراسيل»: ذبيحةُ المسلم حلالٌ ذكر اسم الله تعالى أو لم يَذكُر، وللدَّارَقُطنيِّ عن ابن عبَّاسٍ مرفوعًا: ((المسلم تَكْفِيه التَّسميةُ))، وعن أبي هُرَيْرَةَ ☺ مرفوعًا: ((اسمُ الله على كلِّ مسلمٍ))، وهما ضعيفان، وأمَّا المتعمد بالتَّركِ فيلحَقُ بالمتهاوِنِ باسمِه / ، وذلك كالضدِّ الخاصِّ للتَّسمية، نبَّه عليه ابن المنيِّر وهو ماشٍ على قاعدتهِ في التَّسمية.
          قال المُهَلَّبُ: وقد سلف أنَّ التَّسمية مِن سُنن الذَّبح، وفيه العقوبة في المال لمخالفة السُّنَّة، والتَّعْزيرُ عليها كما عاقَبَ الذين استعجلوا في ذي الحُلَيفةِ وإنَّما اتَّجهت العقوبة بالمنع لهم؛ لِمَا استعجلوه قبلُ.
          وفيه: مِن أصل السُّنَّة أنَّ مَن استعجلَ شيئًا قبل وجوبه أن يُحْرَمَهُ، كمَن استعجلَ الميراث حَرَمهُ الله، ومَن استعجلَ الوطءَ فنكح في العِدَّة حُرِم ذلك أبدًا، كذا نقل ابن بطَّالٍ، فكذلك هؤلاء الذين عجَّلُوا الضَّحايا قبلَ وقتها حُرِمُوها عقوبةً لهم.
          فَصْلٌ: قولُه: (عَلَى اسْمِ) أي باسم الله، وحروف الجرِّ تُبدَل بعضُها مِن بعضٍ، قالَه الدَّاوُدِيُّ، وعن بعض النَّاس: لا يُقَال على اسم الله؛ لأنَّ اسمَ الله تعالى على كلِّ شيءٍ.
          فَصْلٌ: صِفَةُ التَّسمية: باسم الله والله أكبر، قاله مُحَمَّدٌ. وترجم البُخَارِيُّ في الأضاحي: باب التَّكبير عند الذَّبْحِ وساقَ مِن حديثِ أنسٍ: أنَّه ◙ لَمَّا ذبَحَ سمَّى وكبَّرَ.
          قال ابن حَبِيبٍ: فلو قال: باسم الله فقط أو الله أكبر فقط، أو لا إله إلَّا الله أو سبحان الله، أو لا حولَ ولا قُوَّة إلَّا بالله مِن غير تسميةٍ أجزأ، ولكن ما مضى عليه النَّاس أفضلُ، وهو باسم الله والله أكبر.
          فَصْلٌ: استأجرَ رجلًا على أن يُضَحِّيَ عنه ويُسمِعَه التَّسمية، فاختلف الشُّيوخ فيها على ثلاثة أقوالٍ حكاها ابن التِّين. فقال الشَّيخ أبو بَكْرٍ ابن عبد الرَّحْمَن: له الأجرة، ولا يضْمَنُ قيمتَها وعكسَ غيرُه، وقال آخرون: لا، فيهما.
          فَصْلٌ: قد ترجم البُخَارِيُّ على قولِه: ((وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ)) في الأضاحي.